الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فيد الوكيل يد أمانة، فلا يضمن إلا إذا تعدّى بفعل ما لا يجوز، أو فرط بترك ما يجب، وراجع في ذلك الفتويين: 22651، 70372.
وعلى ذلك؛ فالنظر هنا في ترك السائل تسجيل هذا المال قبل الدخول؛ بسبب عدم رؤيته للورق الذي سيسجل فيه؛ بسبب تعب السفر الطويل! وهل يعد لك تفريطًا موجبا للضمان؟
والذي يظهر لنا أن ذلك موجب للضمان؛ كما لو نسي المال نفسه بسبب تعبه، وعناء سفره، فقد نص جمهور الفقهاء على أن تضييع الوديعة بسبب النسيان، موجب للضمان، جاء في (الموسوعة الفقهية): اختلف الفقهاء في تضمينه بذلك على قولين:
أحدهما: للحنفية، وللشافعية في الأصح، وابن الماجشون، وابن حبيب، ومطرف من المالكية، وهو أنه يضمن الوديعة، إذا ضيعها بالنسيان؛ لأن نسيانه جناية على الوديعة؛ وبذلك أفتى القاضي أبو الوليد ابن رشد، وابن الحاج من علماء المالكية.
والثاني: للباجي، والعبدوسي من المالكية: وهو أنه لا ضمان عليه بذلك ... اهـ.
وذكر النووي في روضة الطالبين أسباب ضمان الوديعة، ومنها: التضييع، وذكر له صورًا، منها: ضَيَّعَ بِالنِّسْيَانِ، ضَمِنَ عَلَى الأَصَحِّ، وَيُؤَيِّدُهُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ، أَنَّهُ لَوْ أَوْدَعَهُ إِنَاءً مِنْ قَوَارِيرَ، فَأَخَذَهُ الْمُودَعُ بِيَدِهِ لِيُحْرِزَهُ فِي مَنْزِلِهِ، فَأَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ، فَانْكَسَرَ، لَمْ يَضْمَنْ، وَلَوْ أَصَابَهُ بِفِعْلِهِ مُخْطِئًا، أَوْ عَامِدًا قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى الْبَيْتِ، أَوْ بَعْدَمَا وَصَلَهُ، فَهُوَ ضَامِنٌ. وَالْخَطَأُ، وَالنِّسْيَانُ يَجْرِيَانِ مَجْرًى وَاحِدًا. اهـ.
والله أعلم.