الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للوليّ منع الزوجة عن زوجها؛ لمجرد ما ذكر من كونه سيئ السمعة، فالمرأة بعد دخول زوجها بها، طاعتها له، لا لوليها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: المرأة إذا تزوجت، كان زوجها أملك بها من أبويها، وطاعة زوجها عليها أوجب. اهـ. وقال في موضع آخر: وإذا أراد الرجل أن ينتقل بها إلى مكان آخر، مع قيامه بما يجب عليه، وحفظ حدود الله فيها، ونهاها أبوها عن طاعته في ذلك، فعليها أن تطيع زوجها دون أبويها، فإن الأبوين هما ظالمان، ليس لهما أن ينهياها عن طاعة مثل هذا الزوج. اهـ.
وإذا خشي أن يضر بها زوجها، فيمكن رفع الأمر إلى القاضي الشرعي، فإن وجد ما يقتضي منعها منه منعها، قال أبو عبد الملك الجويني -الشافعي- في نهاية المطلب في دراية المذهب، وهو يتكلم عن الشقاق بين الزوجين: أن يصدر العدوان من الرجل في إيذائها، والإضرار بها، فإذا تحقق ذلك منه، منعناه من الإضرار، واستوفينا منه ما يمتنع عنه من الحقوق، وإن كان جسورًا، لم نأمن أن يضربها ضربًا مبرِّحًا، وقد يفضي ذلك إلى هلاكها، فنحول بينها وبينه؛ فإنَّا إنْ ضربناه لضَرْبه إياها تعزيرًا، فقد يضم لذلك حنقًا، ويبلغ منها مبلغًا لا يستدرك. ثم إذا استشعر الوالي ذلك، وضَربَ الحيلولة، لم يردّها إليه؛ حتى تلين عريكتُه، وتظهر عاطفته... اهـ.
ولا يجوز له أيضًا منعها من الحديث معه، أو منع أولاده عنه، وإن خُشي عليهم منه ضرر، لم يمنعوا عنه أيضًا، ولكن يتخذ من الاحتياط ما يحول دون حصول الضرر.
والله أعلم.