الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله عز وجل قد شرع الزواج من أجل ديمومته، ولتكون الحياة الزوجية مستقرة، قال تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {الروم:21}.
وهذا لا يعني بحال أن تخلو الحياة الزوجية من مشاكل، ولكن الشأن كل الشأن أن يتعقل الزوجان، ويتحريا الحكمة إن حدثت مشكلة، فيراعيا الأساليب الشرعية لحلها، ولمعرفة كيفية علاج نشوز الزوج راجعي الفتوى: 48969، وعلاج نشوز الزوجة في الفتوى: 1103.
وأما أن يترك الزوجان المجال للشيطان ليفسد ما بينهما، فهذا مما لا ينبغي، وهو العدو الذي حذر الله من شره، فقال سبحانه: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا.... {فاطر:6}.
وجاءت السنة ببيان أن من غاية الأماني عند الشيطان أن يفرق بين الرجل وزوجته، ففي صحيح مسلم عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه. فأدناهم منه منزلة، أعظمهم فتنة. يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئا. قال: ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته - قال - فيدنيه منه، ويقول: نعم أنت .
ومن هنا كان على الزوجين الحذر.
والمرأة إذا كانت متضررة من البقاء في عصمة زوجها؛ لكونه يسيء عشرتها، كان لها الحق في طلب الطلاق، ويمكن مطالعة الفتوى: 37112، ففيها بيان مسوغات طلب الطلاق، وهذا لا يعني بحال أن تعجل المرأة لذلك، فقد لا تكون المصلحة في الطلاق، وقد يقع الطلاق، ويكون بعده الندامة.
وكونك تهددين زوجك بقتل نفسك أو قتله هو إن لم يطلقك، بل وإقدامك على خنقه بالفعل، فهذا منكر، تجب عليك التوبة منه. وهذا الطلاق الذي تلفظ به حال خنقك له، إن أقدم عليه لخشيته الهلاك إن لم يطلقك، فلا يقع هذا الطلاق، وإلا فإنه واقع، وراجعي لمزيد الفائدة، الفتوى: 42393، ففيها بيان ضابط الإكراه الشرعي. وإن التبس عليكما أمر وقوع الطلاق من عدمه، فالأولى مراجعة المحكمة الشرعية.
وننبه إلى خطورة الانتحار، وأنه ربما كانت عاقبته الحسرة والخسران المبين، وتراجع الفتوى: 10397، وكذلك الحال بالنسبة لقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، فإنه جرم عظيم، وراجعي فيه الفتوى: 43107.
والله أعلم.