الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت تشتري البضاعة، وبعد دخولها في ملكك وضمانك، تجري عقد البيع مع طالبها؛ فلا حرج في ذلك. ولا يدخل في بيع ما لا يملك المرء؛ لأنك تتملك السلعة قبل بيعها، وما كان بينكما قبل شرائك لها مجرد مواعدة، ولا حرج فيه، بل لك طلب ضمان جدية من طالب السلعة، وهوعبارة عن مبلغ من المال يُطلَب من الزبون لضمان جديته في الشراء؛ لأنك قد تتضرر بنكول الزبون عن الشراء، بعد أن تشتري السلعة وفق المواصفات التي طلبها، فلا يكون جادا في الشراء، وحينئذ يحق لك أن تخصم مبلغاً من هذا القسط، بشرط أن يكون مساوياً للضرر الذي لحق بك.
وإذا اشتريت السلعة، وقرر الزبون الشراء، فيجعل هامش الجدية من الثمن، ويكمل الباقي، أو يجعله قسطا مقدما إن كان البيع بالتقسيط، أو ترده إليه إن شئتما ذلك، وليس هذا من قبيل بيع العربون.
والتفريق بين هامش الجدية والعربون، أوضحه معيار المرابحة، الصادر عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية.
حيث جاء فيه: ويفصل المعيار بين مصطلح العربون، ومصطلح هامش الجدية، خاصة وأن بعض المصارف درجت على استخدام الأول بمعنى الثاني؛ إذ إن العربون بلغة الفقه هو: مبلغ من المال، يدفعه العميل إلى البائع، على أن يكون جزءًا من الثمن إن اختار العميل شراء السلعة، وإلا فإنه يذهب للبائع.
أما هامش الجدية فهو: المبلغ الذي يدفع للمأمور، تأكيدًا على جدية الآمر في طلب السلعة. فإن عدل الآمر في حالة الإلزام، جبر الضرر الفعلي من هذا المبلغ, ويعاد الباقي إلى الآمر. فإذا لم يفِ هامش الجدية بالضرر، فللمأمور أن يعود على الآمر بما تبقى من الخسارة, ويجوز للدائن أن يطلب ضمانًا من المدين، ويجوز أن تكون السلعة المبيعة من الضمانات. اهـ.
وللفائدة، انظر الفتوى ذات الرقم: 258670.
والله أعلم.