الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فالحركة الكثيرة تبطل بها الصلاة على ما فصلناه في الفتوى رقم: 310279. وإذا بطلت لزم قضاؤها.
ولا يجوز لمصلي الفريضة أن يبطل صلاته، أو يخرج منها إلا لمسوغ شرعي، جاء في الموسوعة: قَطْعُ الْعِبَادَةِ الْوَاجِبَةِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهَا بِلاَ مُسَوِّغٍ شَرْعِيٍّ، غَيْرُ جَائِزٍ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ؛ لأِنَّ قَطْعَهَا بِلاَ مُسَوِّغٍ شَرْعِيٍّ عَبَثٌ، يَتَنَافَى مَعَ حُرْمَةِ الْعِبَادَةِ، وَوَرَدَ النَّهْيُ عَنْ إِفْسَادِ الْعِبَادَةِ، قَال تَعَالَى: {وَلاَ تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ}، أَمَّا قَطْعُهَا بِمُسَوِّغٍ شَرْعِيٍّ، فَمَشْرُوعٌ، فَتُقْطَعُ الصَّلاَةُ لِقَتْل حَيَّةٍ، وَنَحْوِهَا؛ لِلأْمْرِ بِقَتْلِهَا، وَخَوْفِ ضَيَاعِ مَالٍ لَهُ قِيمَةٌ لَهُ، أَوْ لِغَيْرِهِ، وَلإِغَاثَةِ مَلْهُوفٍ، وَتَنْبِيهِ غَافِلٍ أَوْ نَائِمٍ قَصَدَتْ إِلَيْهِ نَحْوَ حَيَّةٍ، وَلاَ يُمْكِنُ تَنْبِيهُهُ بِتَسْبِيحٍ... اهـــ.
ونرجو أن يكون إخراج الكلب من المسجد مسوغًا شرعيًّا يبيح الخروج من الصلاة، فالكلب نجس الريق، وربما بال، أو راث في المسجد، والمساجد اليوم فيها المصاحف، ومفروشة بالبسط، ونحوها، وليست كالسابق تفرش بالرمل، والحصباء.
ولو تُرِكَ الكلب في المسجد يقبل ويدبر لم يبعد أن يعبث بالمصاحف، ويلوث بساط المسجد ببوله، أو ريقه، والشرع جاء بتطهير المساجد وصيانتها، وهذا يخالف ترك الكلاب تقبل وتدبر فيها.
ولا يشكل على هذا ما ورد من أن الكلاب كانت تقبل وتدبر في المسجد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن هذا كان في أول الأمر قبل أن يؤمر بتكريم المساجد وتطهيرها، وجعل الأبواب عليها، كما نص الحافظ في الفتح، فلا نرى حرجًا -إن شاء الله تعالى- في قطع الصلاة لإخراج الكلب.
والله تعالى أعلم.