الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنود أن ننبه إلى الحذر من اتهام الآخرين بعمل السحر من غير بينة واضحة، والأصل حسن الظن بالمسلم، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ.... الآية {الحجرات:12}.
وإن ثبت أن هذه المرأة قامت بعمل السحر لزوجتك، فقد أتت منكرا عظيما، بل وظلما مبينا.
ولم نفهم على وجه التحديد ما تقصده بأمر الرسائل، فإن كنت تعني أنها أرسلت رسائل تتكلم فيها عن زوجتك بالسوء، فقد أتت منكرا آخر، وأساءت إساءة بالغة. والواجب على من اطلع منها على هذه الأفعال الشنيعة أن ينصحها ويذكرها بالله عز وجل، وبأن تتوب إلى ربها، وتستسمح زوجتك فيما فعلت؛ لئلا يلحقها الوعيد الوارد في قوله تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا {الأحزاب:58}.
والله عز وجل هو الذي يرزق، وهو المعطي المانع، قال تعالى: فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ {العنكبوت:17}، فمن العيب أن تترك هذه المرأة ربها الذي يرزقها، وتسعى في هذا السبيل المعوج للإضرار بالآخرين.
وقولك: ( فهل يتم رد السحر بسحر لزميلتها ) إن كنت تقصد به المجازاة بالمثل - على تقدير أنها تسببت في عمل السحر لزوجتك - فليس لها أن تفعل بها مثل ذلك؛ لأن السحر مما حرم لحق الله تعالى، قال ابن تيمية: وإن افترى عليه كذبا لم يكن له أن يفتري عليه كذبا؛ لأن الكذب حرام لحق الله، كما قال كثير من العلماء في القصاص في البدن: أنه إذا جرحه أو خنقه أو ضربه ونحو ذلك يفعل به كما فعل، فهذا أصح قولي العلماء؛ إلا أن يكون الفعل محرما لحق الله كفعل الفاحشة، أو تجريعه الخمر فقد نهى عن مثل هذا أكثرهم... اهـ.
والله أعلم.