الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:فالإمامة مأخوذة من الأَمّ، وهو القصد. قال ابن منظور في لسان العرب: والأمَّ القصد.. وأمَّ القوم وأمّ بهم تقدمهم، وهي الإمامة، والإمام كل من ائتم به قوم، كانوا على الصراط المستقيم أو ضالين.. اهـأما النبوة فمأخوذة من النبأ، وهو الخبر، والنبي من أوحي إليه ولم يؤمر بالتبليغ، فإن أُمر بالتبليغ فرسول، هذا هو مذهب جمهور العلماء؛ كما في شرح ابن أبي العز على الطحاوية، وشرح السفاريني على منظومته، وغيرهما من كتب العقائد والتفسير.وبين الإمامة والنبوة عموم وخصوص من وجه، فليس كل إمام نبيا، وليس كل نبي إماما، وبيان ذلك: أن النبي إذا كان رسولاً وكان له أتباع فهو إمام، وإن لم يكن له أتباع فليس بإمام، والإمام الذي يكون له أتباع قد يكون نبيًّا، وقد لا يكون نبيًّا.وعليه فقول السائل: مرتبة الإمامة أعلى من مرتبة النبوة غير صحيح بهذا الإطلاق؛ لأن النبي أعلى من الإمام الذي ليس بنبي قطعًا. هذا إذا أراد السائل الكلام عن معنى ذلك في اللغة. أما إذا أراد ما يقوله بعض أهل الأهواء والزيغ من أن أئمتهم أفضل من الأنبياء أو ما يقوله غلاة الصوفية من أن أولياءهم أفضل من الأنبياء فهذا هو الكفر بعينه. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة: فلهذا جعلوا الولاية فوق النبوة، وهؤلاء من جنس القرامطة الباطنية الملاحدة، لكن هؤلاء ظهروا في قالب التصوف والتنسك ودعوى التحقق والتأله، وأولئك ظهروا في قالب التشيع والموالاة، فأولئك يعظمون شيوخهم حتى يجعلوهم أفضل من الأنبياء، وقد يعظمون الولاية حتى يجعلوها أفضل من النبوة، وهؤلاء يعظمون أمر الإمامة حتى يجعلوا الأئمة أعظم من الأنبياء والإمام أعظم من النبي، كما يقوله الإسماعيلية وكلاهما أساطين الفلاسفة الذين يجعلون النبي فيلسوفًا ويقولون إنه يختص بقوة قدسية، ثم منهم من يفضل النبي على الفيلسوف، ومنهم من يفضل الفيلسوف على النبي ويزعمون أن النبوة مكتسبة... انتهى المراد.والله أعلم.