الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يستريب منصف في الفرق بين طبيعة الرجل وطبيعة المرأة، ثم في طبيعة الدور المنوط بكل منهما في الحياة، وإعمار الأرض ..
ومن جملة ما يتعلق بطبيعة كل منهما: إدراك الفرق بين افتتان الرجل بالنظر إلى وجه المرأة، وافتتان المرأة بالنظر إلى وجه الرجل، ثم الفرق بين جرأة كل منهما على إيذاء الآخر، وقدرته عليه!
ومن جملة ما يتعلق بدور كل منهما: أن الرجل هو المضطر لكثرة الخروج، والسعي، فهو الذي يضرب في الأرض لطلب المعاش، ويكفي المرأة مؤونة ذلك، وأما المرأة فتقر في بيتها، وتقوم على شؤونه، وإصلاح أموره.
وهذا الأمر يكفي لإدراك الفرق الواضح بين حرج المرأة المأمورة بالاحتجاب، وبين حرج الرجل إن هو أمر بذلك، فحاجة المرأة إلى الخروج من بيتها تختلف عن حاجة الرجل، ومع ذلك؛ فإنها إذا خرجت مأمورة بالغض من بصرها، فلا تنظر إلى الرجال، وإن كان وجه الرجل ليس بعورة بالنسبة لها، من حيث الأصل، قال الغزالي في إحياء علوم الدين: فإذا خرجت المرأة، فينبغي أن تغض بصرها عن الرجال، ولسنا نقول: إن وجه الرجل في حقها عورة كوجه المرأة في حقه، بل هو كوجه الصبي الأمرد في حق الرجل، فيحرم النظر عند خوف الفتنة فقط، فإن لم تكن فتنة فلا؛ إذ لم يزل الرجال على ممر الزمان مكشوفي الوجوه والنساء يخرجن منتقبات، ولو كان وجوه الرجال عورة في حق النساء، لأمروا بالتنقب، أو منعن من الخروج إلا لضرورة. اهـ.
وقال ابن حجر في فتح الباري: ويقوي الجوا ز-يعني نظر المرأة إلى الأجنبي- استمرار العمل على جواز خروج النساء إلى المساجد والأسواق، والأسفار منتقبات؛ لئلا يراهن الرجال، ولم يؤمر الرجال قط بالانتقاب؛ لئلا يراهم النساء، فدل على تغاير الحكم بين الطائفتين. اهـ.
وقال ابن القطان في إحكام النظر في أحكام النظر بحاسة البصر: لا خلاف أعلمه في جواز نظر المرأة إلى وجه الرجل مطلقًا، إذا لم تقصد اللذة، ولم تخف الفتنة، كنظر الرجل إلى وجه الغلمان والمردان إذا لم يقصد، ولا خوف، بخلاف نظر الرجل إلى وجه المرأة في الحالة المذكورة، فإنه مختلف فيه، كما قدمنا ذكره، وكذلك أيضًا لا خلاف في جواز إبداء الرجال شعورهم، وأذرعهم، وسوقهم؛ سواء بحضرة الرجال، أو بحضرة النساء، وشعر المرأة وساقها لا يحلّ للأجنبي أن ينظر إليهما إجماعًا.
فإذن ليس الرجل من المرأة، كالمرأة من الرجل في ذلك. اهـ.
والله أعلم.