الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان يغلب على ظنك أن من تهديها تلك الملابس، ستلبسها أمام الرجال الأجانب، فلا تتبرعي بها لها، قال عز وجل: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}.
وأما عن إعطائها للجمعية الخيرية الموثوقة، فلا حرج فيه، ونرجو حصول الثواب لك إذا أعطيتها، ولو لم يتم إيصالها للمستحقين. فقد بوب الإمام البخاري في صحيحه فقال: باب إذا تصدق على غنيٍ وهو لا يعلم.
قال ابن حجر في الفتح: أي فصدقته مقبولة.
وأسند البخاري -رحمه الله- تحت هذا العنوان حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رجل: لأتصدقنَّ بصدقة، فخرج بصدقته، فوضعها في يد سارق، فأصبحوا يتحدثون: تصدق على سارق، فقال: اللهم لك الحمد. لأتصدقنَّ بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد زانية، فأصبحوا يتحدثون: تصدق الليلة على زانية، فقال: اللهم لك الحمد، على زانية؟ لأتصدقنَّ بصدقة، فخرج بصدقته. فوضعها في يدي غني، فأصبحوا يتحدثون: تصدق على غني، فقال: اللهم لك الحمد، على سارق، وعلى زانية، وعلى غني، فأتي: فقيل له: أما صدقتك على سارق: فلعله أن يستعف عن سرقته، وأما الزانية: فلعلها أن تستعف عن زناها، وأما الغني: فلعله يعتبر، فينفق مما أعطاه الله. اهـ.
قال الحافظ ابن حجر: وفي الحديث دلالة على أن الصدقة كانت عندهم مختصة بأهل الحاجة من أهل الخير، ولهذا تعجبوا من الصدقة على الأصناف الثلاثة، وفيه أن نية المتصدق إذا كانت صالحة قبلت صدقته، ولو لم تقع الموقع. انتهى من فتح الباري.
والله أعلم.