الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا اشترط البائع على المشتري أنّه إذا لم يدفع الثمن إلى أجل معين، فلا بيع بينهما، فالشرط صحيح، قال ابن قدامة رحمه الله: فإن قال: بعتك على أن تنقدني الثمن إلى ثلاث، أو مدة معلومة، وإلا فلا بيع بيننا، فالبيع صحيح، نص عليه، وبه قال أبو حنيفة، والثوري، وإسحاق، ومحمد بن الحسن.
وقال المرداوي ـ رحمه الله ـ في الإنصاف: يعني: أن البيع والشرط صحيحان، فإن مضى الزمن الذي وقته له، ولم ينقده الثمن: انفسخ العقد.
وإذا لم يشترط البائع خيار نقد الثمن، ولكن المشتري أفلس، أو أعسر بالثمن، أو كان موسراً ولكنه ماطل في دفع الثمن، فالراجح أن للبائع فسخ البيع؛ لكن يشترط في المعسر ألا يكون البائع عالماً بعسرته عند البيع، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: ذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن المشتري إذا ظهر مفلسا فللبائع خيار الفسخ والرجوع بعين ماله، ولا يلزمه أن ينظره، عملا بقوله صلى الله عليه وسلم: من أدرك ماله بعينه عند رجل أو إنسان قد أفلس فهو أحق به من غيره ـ وينطبق ذلك الحكم على المعسر عند الحنابلة ولو ببعض الثمن....... ويرى ابن تيمية أن المشتري إذا كان موسرا مماطلا فللبائع الفسخ دفعا لضرر المخاصمة، قال في الإنصاف: وهو الصواب.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: لو كان البائع يعلم بعسرة المشتري، فإنه لا خيار له، فالرجل مثلاً إذا باع على إنسان سلعة يظن أنه غني، ثم تبين أنه معسر، فله الفسخ، لأن في إنظاره ضرراً عليه، أما إذا باع هذه السلعة على شخص، وهو يعلم أنه معسر، فإنه لا خيار له، لأنه دخل على بصيرة، وقال: إذا ظهر أنه مماطل فللبائع الفسخ.
وعلى كل، فموضوع فسخ البيع هنا فيه خلاف بين أهل العلم.
وعليه؛ فإن لم يترتب عليه نزاع، فلا حرج فيه، كما أسلفنا وإلا فلا بد من الرجوع للقاضي.
والله أعلم.