الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن تقصد المرأة بلبس الحجاب طاعة الله وابتغاء رضوانه، لكن مصلحة الستر حاصلة بالحجاب ولو كان لبسه بنية الانتفاع بأمور دنيوية مترتبة عليه كحماية البشرة من التعرض للشمس، ولا تأثم المرأة بذلك، لكن قد ينقص أجرها بحسب نيتها، جاء في الفروق للقرافي: وكذلك من صام ليصح جسده، أو ليحصل له زوال مرض من الأمراض التي ينافيها الصيام، ويكون التداوي هو مقصوده، أو بعض مقصوده والصوم مقصوده مع ذلك، وأوقع الصوم مع هذه المقاصد لا تقدح هذه المقاصد في صومه، بل أمر بها صاحب الشرع في قوله صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء ـ أي قاطع، فأمر بالصوم لهذا الغرض فلو كان ذلك قادحا لم يأمر به عليه الصلاة والسلام في العبادات وما معها، ومن ذلك أن يجدد وضوءه وينوي التبرد أو التنظيف وجميع هذه الأغراض لا يدخل فيها تعظيم الخلق، بل هي تشريك أمور من المصالح ليس لها إدراك ولا تصلح للإدراك ولا للتعظيم، فلا تقدح في العبادات، فظهر الفرق بين قاعدة الرياء في العبادات وبين قاعدة التشريك في العبادات غرضا آخر غير الخلق مع أن الجميع تشريك، نعم لا يمنع أن هذه الأغراض المخالطة للعبادة قد تنقص الأجر، وأن العبادة إذا تجردت عنها زاد الأجر وعظم الثواب، أما الإثم والبطلان: فلا سبيل إليه، ومن جهته حصل الفرق لا من جهة كثرة الثواب وقلته.
والله أعلم.