الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما أن تبدله له وزنا بوزن: فلا إشكال في ذلك، ما دام يدا بيد ـ التقابض في المجلس ـ وأما إبداله بأقل من وزنه مع رد فرق الوزن نقودا بقيمته، فمختلف فيه, قال ابن عبد البر في الاستذكار: مذهب مالك وأصحابه أنه لا يجوز ذهب بفضة وذهب، ولا ذهب وفضة بفضة، على حال، ولا يجوز عندهم أن يشتري ما زاد في المراطلة من أحد الذهبين بفضة، ولا من أحد الفضتين بذهب، ولا بغير ذلك، ولا يصح عندهم مع الصرف بيع، وهو قول الشافعي والليث بن سعد... وأجاز ذلك كله أبو حنيفة وأصحابه.
وروى عبد الرزاق في مصنفه عن مجاهد في الرجل يبيع الفضة بالفضة بينهما فضل؟ قال: يأخذ بفضله ذهبا.
وقال محمد بن الحسن الشيباني في الأصل: إذا اشترى الرجل عشرة دراهم وديناراً باثني عشر درهماً وتقابضا، فهو جائز، عشرة بمثلها، والدينار بالفضل.. اهـ.
وأوضح ابن بطال في شرح صحيح البخاري وجه ذلك، فقال: ذلك لأنه يجوز عند الأمة بيع الذهب بالفضة متفاضلا كيف شاء المتبايعان، فلما جاز هذا بإجماع بنى عليه أصله في الصرف، فأجاز عشرة دراهم ودينارا بأحد عشر درهما، جعل العشرة دراهم بعشرة دراهم وجعل الدينار بدل الدرهم. اهـ.
وهذه الصورة وإن كانت محل خلاف، إلا أن المفاضلة إذا لم تحصل، وذلك بحساب الذهب بقيمته الحقيقة من النقود فالأمر أقرب، لعدم وجود التفاضل، قال الكاساني في بدائع الصنائع: الحاصل أنه ينظر إلى ما يقابل الزيادة من حيث الوزن من خلاف الجنس، إن بلغت قيمته قيمة الزيادة، أو كانت أقل منها مما يتغابن الناس فيه عادة جاز البيع من غير كراهة. اهـ.
والأفضل من هذا خروجا من الخلاف: أن تتم الإقالة في البيع الأول، ويكون ذلك برد العقد الذهبي واستلام ثمنه، ثم يتم إجراء بيع جديد يشتري به الزبون ما شاء من حلي، جاء في الموسوعة الفقهية: الإقالة في الصرف كالإقالة في البيع أي يشترط فيها التقابض من الجانبين قبل الافتراق كما في ابتداء عقد الصرف، فلو تقايلا الصرف وتقابضا قبل الافتراق، مضت الإقالة على الصحة، وإن افترقا قبل التقابض بطلت الإقالة. اهـ.
والله أعلم.