الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فنقول ابتداءً: إن سبب تأخير المساجد في تركيا لصلاة الفجر إلى انتشار البياض، راجعٌ -فيما نظن- إلى أن المذهب الفقهي السائد هناك هو مذهب الحنفية، والحنفية يرون استحباب تأخير الفجر عن أول وقتها، خلافا للجمهور القائلين باستحباب صلاة الفجر في أول وقتها.
جاء في الموسوعة الفقهية: يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ التَّغْلِيسَ: أَيْ أَدَاءُ صَلاَةِ الْفَجْرِ بِغَلَسٍ، أَفْضَل مِنَ الإْسْفَارِ بِهَا؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَفْضَل الأْعْمَال الصَّلاَةُ فِي أَوَّل وَقْتِهَا، وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: نُدِبَ تَأْخِيرُ الْفَجْرِ إِلَى الإْسْفَارِ ... اهـ.
إلا أنها لا تُؤَّخرُ عند الحنفية، بحيث يشك هل صلاها في وقتها أم خرج وقتها بطلوع الشمس؟
جاء في الموسوعة الفقهية: قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَلاَ يُؤَخِّرُهَا بِحَيْثُ يَقَعُ الشَّكُّ فِي طُلُوعِ الشَّمْسِ، بَل يُسْفِرُ بِهَا بِحَيْثُ لَوْ ظَهَرَ فَسَادُ صَلاَتِهِ يُمْكِنُهُ أَنْ يُعِيدَهَا فِي الْوَقْتِ بِقِرَاءَةٍ مُسْتَحَبَّةٍ ... اهــ.
ومن المعلوم أن صلاة الفجر يدخل وقتها بطلوع الفجر الصادق، وهو البياض الممتد في الأفق من الشمال إلى الجنوب، وينتهي بطلوع الشمس، فإذا كانت المساجد عندكم يصلونها قبل طلوع الشمس فإنها تعتبر أداءً في وقتها، ولا يضر وجود الضوء المنتشر في السماء، وإن كان الأفضل أداؤها في أول وقتها، وأما إن كانوا يصلونها بعد خروج وقتها بطلوع الشمس، فإنه لا يجوز لهم ذلك، ولا يجوز أن تؤخرها إلى خروج وقتها، بل الواجب عليك أن تصليها في وقتها المحدد لها شرعا؛ لقول الله تعالى: فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا {النساء:103}. عن قتادة في قوله: إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا -قال: قال ابن مسعود: إن للصلاة وقتًا كوقت الحجِّ. رواه الطبري من طريق عبد الرزاق بسند صحيح.
وانظر الفتوى رقم: 63988 عن أفضلية تعجيل صلاة الصبح بعد التحقق من دخول وقتها، والفتوى رقم: 268207 عن المفاضلة بين أداء الصلاة في أول وقتها منفردا، أم تأخيرها عن أول وقتها ليصليها مع الجماعة.
والله تعالى أعلم.