الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالجمع بين الأجرة المعلومة (الراتب) ونسبة من الربح، لا يجوز عند الأئمة الأربعة، إلا على رواية مرجوحة في مذهب الحنابلة، وفاقاً لمذهب بعض التابعين كابن سيرين، والنخعي، والزهري.
وأما على مذهب جمهور الفقهاء، فلا يجوز هذا الجمع، وهذا القول أرجح وأحوط. وراجع في ذلك الفتويين: 119412، 58979.
وعليه؛ فإن الاتفاق الذي ذكرته في الصورتين غير جائز. وأما على القول الذي يرى أصحابه جواز الجمع بين الأجرة والنسبة من الربح: فإن تحديد الربح بشكل تقريبي؛ لتعسر تحديد الربح بشكل فعلي دقيق، لا يظهر أنه يؤثر في الجواز، لما تقرر عند عامة العلماء أن الغرر اليسير المحتاج إليه معفو عنه.
قال النووي: أجمع المسلمون على جواز أشياء فيها غرر حقير، منها: أنهم أجمعوا على صحة بيع الجبة المحشوة وإن لم ير حشوها، ولو بيع حشوها بانفراده لم يجز. وأجمعوا على جواز إجارة الدار والدابة والثوب ونحو ذلك شهرا، مع أن الشهر قد يكون ثلاثين يوما، وقد يكون تسعة وعشرين. وأجمعوا على جواز دخول الحمام بالأجرة، مع اختلاف الناس في استعمالهم الماء، وفي قدر مكثهم. وأجمعوا على جواز الشرب من السقاء بالعوض، مع جهالة قدر المشروب، واختلاف عادة الشاربين. وعكس هذا أجمعوا على بطلان بيع الأجنة في البطون، والطير في الهواء، قال العلماء: مدار البطلان بسبب الغرر، والصحة مع وجوده على ما ذكرناه، وهو أنه إن دعت حاجة إلى ارتكاب الغرر، ولا يمكن الاحتراز عنه إلا بمشقة، وكان الغرر حقيرا جاز البيع، وإلا فلا. اهـ. من شرح صحيح مسلم.
والله أعلم.