الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب في كون العلوم الشرعية أعظم العلوم وأشرفها وأنفعها، وكون تعليمها للناس من أفضل الأعمال وأعظمها أجراً، لكن ذلك لا يعني تفضيل الاشتغال بتعليم العلوم الشرعية لكل أحد، وفي كل حال، فقد يكون الأفضل لبعض الناس تعليم العلوم الدنيوية النافعة لكونه أكثر إتقاناً لها، أو لشدة حاجة الناس إلى هذه العلوم، وتعليم العلوم الدنيوية النافعة للمسلمين وغيرهم جائز، ويؤجر المعلم بنية نفع المسلمين والدعوة إلى الله، ويتفاوت الأجر بتفاوت النفع وتفاوت النيات.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: ومن هذا يتبين أن كل علم ديني مع وسائله التي تعين على إدراكه، داخل فيما يرفع الله - من علمه وعمل به، مخلصا له - عنده درجات، وأنه مقصود بالقصد الأول. وكل علم دنيوي تحتاجه الأمة، وتتوقف عليه حياتها، كالطب والزراعة والصناعة ونحوها، داخل أيضا إذا حسنت النية، وأراد به متعلمه والعامل به نفع الأمة الإسلامية ودعمها، ورفع شأنها، وإغنائها عن دول الكفر والضلال، لكن بالقصد الثاني التابع، ودرجات كل متفاوتة تبعا لمنزلة ذلك من الدين، وقوته في النفع ودفع الحاجة، والله سبحانه هو الذي يقدر الأمور قدرها، وينزلها منازلها، وهو الذي يعلم السر وما هو أخفى، وإليه الجزاء ورفع الدرجات في الدنيا والآخرة، وهو الحكيم العليم. اهـ
والله أعلم.