الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن القرآن يشرع للمسلم قراءة ما شاء منه، والرقية به، وسؤال الله به ما يشاء العبد من الحاجات، فإنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: اقرؤوا القرآن، وسلوا الله به، قبل أن يأتي قوم يقرؤون القرآن، فيسألون به الناس. رواه أحمد وصححه الألباني في صحيح الجامع.
وعن عمران بن حصين أيضا أنه مر على قارئ يقرأ، ثم سأل، فاسترجع، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من قرأ القرآن فليسأل الله به، فإنه سيجيء أقوام يقرؤون القرآن، يسألون به الناس. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن ـ وصححه الألباني في صحيح الترغيب.
وفي صحيح ابن حبان عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها وامرأة تعالجها، أو ترقيها فقال: عالجيها بكتاب الله. وصححه الألباني.
قال المباركفوري في تحفة الأحوذي: فليسأل الله به: أي فليطلب من الله تعالى بالقرآن ما شاء من أمور الدنيا والآخرة، أو المراد أنه إذا مر بآية رحمة، فليسألها من الله تعالى، وإما أن يدعو الله عقيب القراءة بالأدعية المأثورة. اهـ.
وقال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في كتابه زاد المعاد: فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية، وأدواء الدنيا والآخرة، وما كل أحد يؤهل ولا يوفق للاستشفاء به، وإذا أحسن العليل التداوي به، ووضعه على دائه بصدق وإيمان، وقبول تام، واعتقاد جازم، واستيفاء شروطه لم يقاومه الداء أبداً، وكيف تقاوم الأدواء كلام رب الأرض والسماء، الذي لو نزل على الجبال لصدعها، أو على الأرض لقطعها؟!! فما من مرض من أمراض القلوب والأبدان، إلا وفي القرآن سبيل الدلالة على دوائه وسببه، والحمية منه لمن رزقه الله فهما في كتابه، قال تعالى: أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ {العنكبوت:51} فمن لم يشفه القرآن، فلا شفاه الله، ومن لم يكفه القرآن، فلا كفاه الله. انتهى.
وراجع حول تخصيص بعض القرآن الكريم لأغراض معينة لم ترد بها النصوص، الفتوى رقم: 314371، والفتوى رقم: 64665، والفتوى رقم: 319552
والله أعلم.