الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن مريم بنت عمران -رضي الله تعالى عنها- لا حرج أن يطلق عليها سيدة, أو يقال عليها السلام, كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 290260.
وهي صِدِّيقة، كما جاء في قوله تعالى: مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ {المائدة:75}.
والصواب أنها ليست نبية, كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 125544.
وعلى هذا، فإن مريم تكون في درجة الصديقين في الجنة, وهي الدرجة الثانية بعد الأنبياء, كما قال تعالى: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا {النساء:69}، وراجع الفتوى رقم: 263227.
ومريم عليها السلام لم تتزوج في الدنيا, كما ذكرنا في الفتوى رقم: 36902, وسيكون لها زوج في الجنة؛ لأن الجنة ليس فيها عزب, لقوله صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم: وما في الجنة أعزب. انتهى. والعزب: من لا زوج له، ذكرا كان أوأنثى, كما في الفتوى رقم: 26953.
ويقول الشيخ ابن عثيمين في فتاوى نورعلى الدرب: وإذا لم تتزوج في الدنيا، فإن الله تعالى يزوجها ما تقر به عينها في الجنة، فالنعيم في الجنة ليس قاصراً على الذكور، وإنما هو للذكور وللإناث، ومن جملة النعيم الزواج. انتهى.
لكن لم نقف على تعيين زوج مريم في الجنة, وقد ورد في بعض الأحاديث أنها ستكون زوجة لرسولنا محمد صلى الله عليه, وسلم في الجنة, لكنها ضعيفة, كما جاء في الفتوى رقم: 143523.
وأما قولك: وهل كانت تضرب الدف؟ فهذا مستبعد, ولم نقف على نص عليه من أهل العلم.
والله أعلم.