الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن من شروط صحة البيع المجمع عليها في الجملة أن يكون الثمن معلومًا للمتعاقدين حال العقد، والجهالة في الثمن توجب فساد عقد البيع، جاء في الإقناع في مسائل الإجماع: وأجمعوا أن الثمن إذا كان مجهولًا كان البيع فاسدًا. اهـ.
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: اتفق الفقهاء على وجوب تسمية الثمن في عقد البيع، وأن يكون مالًا، ومملوكًا للمشتري، ومقدور التسليم، ومعلوم القدر والوصف. اهـ.
وفي كشاف القناع: من شروط البيع أن يكون الثمن معلومًا للمتعاقدين حال العقد بما يعلم به المبيع مما تقدم من رؤية مقارنة، أو متقدمة بزمن لا يتغير فيه الثمن ظاهرًا، لجميعه، أو بعضه الدال على بقيته، أو شم، أو ذوق، أو مس، أو وصف كاف على التفصيل السابق؛ لأن الثمن أحد العوضين، فاشترط العلم به، كالمبيع. اهـ.
وفي الشرح الممتع: الشرط السابع: أن يكون الثمن معلومًا، برؤية أو صفة، أو عدّ، أو وزن، وما أشبه ذلك، فيشترط أن يكون الثمن معلومًا، كما يشترط أن يكون المبيع معلومًا، والدليل حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه-: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم نهى عن بيع الغرر ـ ولأنه أحد العوضين، فاشترط فيه العلم، كالعوض الآخر. اهـ باختصار.
فإجراء عقد البيع على أن يكون الثمن هو قيمة المبيع عند حلول أجلٍ ما لا يصح؛ لأن الثمن حينئذ مجهول للمتعاقدين، ولم نقف على من صحح البيع بهذه الصورة.
لكن تبقى قضية تغير العملة، وقوتها الشرائية، وتأثيرها على الديون، هذه هي التي محل نظر، والذي نفتي به أن العملات ترد بأمثالها، مهما تغيرت قوتها الشرائية، إلا إذا انقطعت من السوق، ولم يعد الناس يتعاملون بها، فعندئذ ترد بقيمتها يوم اجتماع استحقاقه، وانعدام العملة، وهذا مذهب أكثر الفقهاء، وراجع لمزيد بيان الفتويين رقم: 66686، ورقم: 179075.
والله أعلم.