الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما الحديث الأول وهو حديث عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ذَاتَ يَوْمٍ خَلْفَهُ، فَأَسَرَّ إِلَيَّ حَدِيثًا لَا أُخْبِرُ بِهِ أَحَدًا ـ وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبُّ مَا اسْتَتَرَ بِهِ فِي حَاجَتِهِ هَدَفٌ، أَوْ حَائِشُ نَخْلٍ ـ فَدَخَلَ يَوْمًا حَائِطًا مِنْ حِيطَانِ الْأَنْصَارِ، فَإِذَا جَمَلٌ قَدِ أتَاهُ فَجَرْجَرَ، وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ، قَالَ بَهْزٌ، وَعَفَّانُ: فَلَمَّا رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَنَّ وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ فَمَسَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرَاتَهُ وَذِفْرَاهُ، فَسَكَنَ، فَقَالَ: مَنْ صَاحِبُ الْجَمَلِ؟ فَجَاءَ فَتًى مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: هُوَ لِي يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: أَمَا تَتَّقِي اللهَ فِي هَذِهِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي مَلَّكَكَهَا اللهُ، إِنَّهُ شَكَا إِلَيَّ أَنَّكَ تُجِيعُهُ وَتُدْئِبُهُ. فقد رواه أحمد في المسند، وقال محققه الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم ـ وأخرجه بتمامه البيهقي في الدلائل، وهو عند مسلم وغيره مختصرا.
وأما الحديث الثاني فرواه أحمد في مسنده، وقال محققه الأرنؤوط: صحيح لغيره دون قوله: والذي نفسي بيده لو كان من قدمه... إلخ، وهذا الحرف تفرد به حسين المرُّوذي عن خلف بن خليفة، وخلف كان قد اختلط قبل موته، وأخرجه الضياء في المختارة ـ 1895 ـ من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، بهذا الإسناد، وأخرجه البزار ـ 2454 ـ وأبو نعيم في الدلائل ـ 287 ـ من طريق محمد بن معاوية بن مالج البغدادي، عن خلف بن خليفة، به دون قوله: لو كان من قدمه... ومحمد بن معاوية قال النسائي ومسلمة بن القاسم: لا بأس به ـ وقال أبو بكر البزار: ثقة. انتهى.
والحديث ذكره الإمام ابن كثير بتمامه في البداية والنهاية، ثم قال بعده: وهذا إسناد جيد، وقد روى النسائي بعضه من حديث خلف بن خليفة به. انتهى.
والله أعلم.