الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشكر الله لك حرصك على الخير ورغبتك فيه، ونحن نعلق على ما ورد في سؤالك في النقاط التالية:
أولا: إياك والتعجل في الحكم على أحد بالردة، فإن أمر ذلك شديد، والأصل في المسلمين بقاؤهم على الإسلام، ولا يُحكَم بكفر الواحد المعين منهم إلا بعد تحقق شروط التكفير وانتفاء موانعه، وهذا لا يحسنه كل أحد، فدع عنك التكلف لما لا تحسنه.
ثانيا: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شعيرة عظيمة من شعائر الدين، لكن عليك بالالتزام بآداب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتي من أهمها التحقق من كون ما تنهى عنه منكرا، والرفق بالمأمور والمنهي، والصبر على الأذى الذي يلحقك في هذا السبيل، ولبيان بعض ضوابط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر انظر الفتوى رقم: 286150.
ثالثا: ليس الوالدان كغيرهما في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فعليك أن تلين لهما غاية اللين، وتبين لهما ما تراه منكرا بأحسن أسلوب وألطفه، ثم إنْ غضبا فاترك نهيهما وقد فعلت ما عليك، وانظر لبيان كيفية نهي الوالدين عن المنكر الفتوى رقم: 214936.
رابعا: قد تتلبس أنت ببعض المنكرات خلال حرصك على النهي عن المنكر، من ذلك ما ذكرته من تفحصك جوال والدك، فإن ذلك محرم لا يجوز لك فعله، فهو من التجسس المنهي عنه، فاحذر أن تحملك الغيرة على مخالفة الشرع.
خامسا: إن كان النهي عن المنكر يجر إلى مفسدة راجحة ويؤدي إلى حدوث منكر أكبر من المنكر المنهي عنه، فلا يجوز لك النهي عن هذا المنكر، وراجع للفائدة الفتويين رقم: 131498، ورقم: 161369.
وفي خلال هذه الإضاءات والإرشادات سر على طريق طاعة الله تعالى حريصا على ما يرضيه سبحانه متجنبا ما يسخطه جل وعلا آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر، فإن تحققت أن عليك ضررا في الأمر والنهي سقط عنك وجوبه، وإن علمت أنه ينشأ عن إنكار المنكر منكر أكبر منه، فلا تنكره، متأدبا مع والديك مراعيا حرمتهما داعيا لهما بالهداية والصلاح. نسأل الله لنا ولكم الهداية إلى صراطه المستقيم.
والله أعلم.