الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقراءة السورة بعد الفاتحة، ليست واجبة إجماعا، فسواء قلنا إن ما يقضيه المسبوق هو أول صلاته، أو آخرها. فإنه لا يجب عليه قضاء السورة بعد الفاتحة باتفاق؛ إذ إنها لا تجب عليه لو أدرك الصلاة من أولها، وهذا واضح. وإنما الخلاف في استحباب قضاء السورة، وقد ذهب كثير من العلماء إلى أنه يقضي السورة بكل حال، سواء قلنا إن ما يقضيه هو أول صلاته، أو آخرها، وهو الأولى والأحوط، فإنه مذهب الجمهور، وذهب البعض إلى أنه إنما يقرأ الفاتحة ولا يزيد عليها، على القول بأن ما أدركه هو أول صلاته، وما يقضيه هو آخرها، وهذا قول إسحاق والمزني، وقواه ابن حجر.
قال الشوكاني في نيل الأوطار نقلاً عن الحافظ: وقد عمل بمقتضى اللفظين أي: فاقضوا، وأتموا، الجمهور، فإنهم قالوا: إن ما أدرك مع الإمام هو أول صلاته، إلا أنه يقضي مثل الذي فاته من قراءة السورة مع أم القرآن في الرباعية، لكن لم يستحبوا له إعادة الجهر في الركعتين الباقيتين، وكان الحجة فيه قول علي عليه السلام: ما أدركت مع الإمام فهو أول صلاتك، واقض ما سبقك به من القرآن. أخرجه البيهقي. وعن إسحاق والمزني: أنه لا يقرأ إلا أم القرآن فقط، قال الحافظ: وهو القياس. انتهى.
وبما مرَّ تعلم أننا إن قلنا أن ما يقضيه المسبوق هو أول صلاته، فلا إشكال في استحباب قضاء السورة في حقه، وإن قلنا هو آخرها ففي القضاء خلاف مر بك، والقياس كما قال ابن حجر أنه لا يقضي السورة، ولو قضاها خروجا من الخلاف، واتباعا للجمهور، فهو حسن.
والله أعلم.