الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للقادر على القيام في الفريضة أن يستند على جدار أو غيره، وصلاته باطلة ـ عند جمهور أهل العلم ـ إذا كان معتمدا عليه بحيث لو سقط ما يستند عليه سقط هو بسقوطه، سواء كان الاستناد طويلا أو قصيرا، أو في القيام أو الجلوس؛ فهذا هو ضابط البطلان باستناد القادر كما قال العلماء؛ قال الأخضري المالكي في مقدمته: وَالِاسْتِنَادُ الَّذِي تَبْطُلُ بِهِ صَلَاةُ الْقَادِرِ عَلَى تَرْكِهِ: هُوَ الَّذِي يَسْقُطُ بِسُقُوطِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَسْقُطُ بِسُقُوطِهِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ. وفي شرح الخرشي: الْقَادِر عَلَى الْقِيَامِ أَوْ الْجُلُوسِ مُسْتَقِلًّا إذَا اسْتَنَدَ إلَى شَيْءٍ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا بِحَيْثُ لَوْ أُزِيلَ مَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ سَقَطَ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ ويَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَتُهَا.
وانظري الفتوى رقم: 147399، للمزيد من أقوال أهل العلم.
ومن صلى الفريضة مستندا جاهلا ببطلان الصلاة به، فإن في وجوب القضاء عليه قولان، والمفتى به عندنا وجوب الإعادة على الجاهل إذا أخل بركن من أركان الصلاة أو شرط من شروطها، وللاطلاع على طرف من هذا الخلاف انظري الفتوى رقم: 109981، والفتوى رقم: 125226، وما أحيل عليه فيهما.
وما ذكرنا من البطلان بالاستناد هو في الفريضة دون النافلة؛ فيجوز للقادر الاستناد فيها، بل يجوز له الجلوس؛ جاء في الموسعة الفقهية الكويتية "قال النووي: الاتكاء في صلاة النفل جائز على العصي ونحوها باتفاق العلماء، ...وإنما فرق الجمهور بين الاستناد في الفرض فمنعوه، وأجازوه في النفل، لأن النفل تجوز صلاته من جلوس دون قيام، فكذا يجوز الاستناد فيه مع القيام"، وقال الأخضري "وَأَمَّا النَّافِلَةُ فَيَجُوزُ لِلْقَادِرِ عَلَى الْقِيَامِ أَنْ يُصَلِّيَهَا جَالِسًا، وَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَائِمِ".
والله أعلم.