الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فيجب أولًا إخراج مصاريف تجهيز الميت من التركة، وانظر الفتوى رقم: 64799، وما دام أن على الميت ديونًا، فإنه يجب أن تسدد تلك الديون قبل قسمة التركة على مستحقيها؛ لأن سداد الدَّين مقدم على حق الورثة في المال، لقول الله تعالى في آيات المواريث: {... مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ...} [النساء: 11]. جاء في الموسوعة الفقهية: دَيْنُ الآْدَمِيِّ هُوَ الدَّيْنُ الَّذِي لَهُ مُطَالِبٌ مِنْ جِهَةِ الْعِبَادِ، فَإِنَّ إِخْرَاجَ هَذَا الدَّيْنِ مِنَ التَّرِكَةِ وَالْوَفَاءَ بِهِ وَاجِبٌ شَرْعًا عَلَى الْوَرَثَةِ قَبْل تَوْزِيعِ التَّرِكَةِ بَيْنَهُمْ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ}، وَعَلَى ذَلِكَ الإْجْمَاعُ، وَذَلِكَ حَتَّى تَبْرَأَ ذِمَّتُهُ مِنْ حُقُوقِ النَّاسِ، أَوْ حَتَّى تَبْرُدَ جِلْدَتُهُ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ. اهـ.
وبعد سداد الدَّين تُخرجُ الوصيةُ، وتدفع للموصى له قبل قسمة التركة بين الورثة؛ لأن الوصية مقدمة على حق الورثة في المال ما دامت وصيةً لغير وارث، وبما لا يزيد على الثلث؛ جاء في الموسوعة الفقهية: وَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ تَنْفِيذَ مَا يُوصِي بِهِ الْمَيِّتُ يَجِيءُ بَعْدَ الدَّيْنِ وَقَبْل أَخْذِ الْوَرَثَةِ أَنْصِبَاءَهُمْ مِنَ التَّرِكَةِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ}. وَلاَ يَكُونُ تَنْفِيذُ مَا يُوصَى بِهِ مِنْ أَصْل الْمَال؛ لأِنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنَ التَّكْفِينِ وَقَضَاءِ الدَّيْنِ قَدْ صَارَ مَصْرُوفًا فِي ضَرُورَاتِهِ الَّتِي لاَ بُدَّ مِنْهَا، وَالْبَاقِي هُوَ مَالُهُ الَّذِي كَانَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي ثُلُثِهِ. وَأَيْضًا رُبَّمَا اسْتَغْرَقَ ثُلُثُ الأْصْل جَمِيعَ الْبَاقِي، فَيُؤَدِّي إِلَى حِرْمَانِ الْوَرَثَةِ بِسَبَبِ الْوَصِيَّةِ ... اهـ. ثم يقسم الورثة ما بقي بعد سداد الديون والوصية ومؤن التجهيز.
ووصيته لخاله بمثل نصيب أمه تعتبر وصية صحيحة؛ لأنها وصية لغير وارث بما لا يزيد على الثلث، إذ إنها وصية بالسدس لأن نصيب أمه السدس، فتحل المسألة أولًا على أنها توفي عن أم وأب وزوجة وخمسة أبناء وثلاث بنات، ثم يضاف لأصل مسألتهم مثل نصيب الأم؛ قال ابن قدامة في المغني: وَإِنْ أَوْصَى بِنَصِيبِ وَارِثٍ مُعَيَّنٍ، فَلَهُ مِثْلُ نَصِيبِهِ مُزَادًا عَلَى الْفَرِيضَةِ. هَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ, وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ... اهـ.
وإذا لم يترك الميت من الورثة إلا من ذكر؛ فإن لأمه السدس فرضًا، ولأبيه السدس فرضًا؛ لوجود الفرع الوارث، قال الله تعالى: {... وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ ...} [النساء: 11]. ولزوجته الثمن فرضًا لوجود الفرع الوارث، قال الله تعالى: {... فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ...} [النساء: 12]. والباقي للأبناء والبنات تعصيبًا للذكر مثل حظ الأنثيين، لقول الله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ...} [النساء: 11]. ولا شيء للأخ من الأم؛ لأنه لا يرث مع وجود أبي الميت، ولا مع وجود فرعه الوارث؛ قال ابن المنذر في الإجماع: وأجمعوا على أن الإخوة من الأم لا يرثون مع ولد ولا والد ... اهـ. وكذا لا شيء لأخته الشقيقة -وأحرى عمه الشقيق-؛ لأنهم لا يرثون مع وجود أبيه ولا مع وجود ابن الميت؛ قال ابن المنذر: وأجمعوا على أن الإخوة من الأب والأم، ومن الأب ذكورًا أو إناثًا: لا يرثون مع الابن، ولا ابن الابن وإن سفل، ولا مع الأب ... اهـ.
فتقسم التركة أولًا على أربعة وعشرين سهمًا؛ للأم سدسها (أربعة أسهم)، وللأب سدسها (أربعة أسهم)، وللزوجة ثمنها (ثلاثة أسهم)، ولكل ابن سهمان، ولكل بنت سهم واحد، ثم يُضاف لأصل المسألة أربعةُ أسهم (مثل نصيب الأم)، فتقسم أخيرًا على ثمانية وعشرين، ويكون لكل واحد من الورثة ما ذكرناه من الأسهم، ويأخذ الخال الموصى له أربعة أسهم، والمبلغ الذي يقسم على ثمانية وعشرين هو المتبقي بعد خصم الدَّين ومؤن التجهيز، وهو عشرة آلاف وتسعمائة وستين جنيها (10960)، وهذه صورة المسألة مع نصيب كل وارث بالجنيهات:
الورثة / أصل المسألة | 24 + 4 | 28 | 10960 جنيها | |
---|---|---|---|---|
أم | 4 | 4 | 1565.71 جنيها | ـــــ |
أب | 4 | 4 | 1565.71 جنيها | ـــــ |
زوجة | 3 | 3 | 1174.29 جنيها | ـــــ |
5 أبناء | 10 | 10 | 3914.29 جنيها | لكل ابن 782.857 |
3 بنات | 3 | 3 | 1174.29 جنيها | لكل بنت 391.428 |
الخال الموصى له | ــــــ | 4 | 1565.71 جنيها | ـــــ |
والله تعالى أعلم.