الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالضرورة في اللغة: اسم من الاضطرار، والاضطرار: الاحتياج الشديد، تقول: حملتني الضرورة على كذا وكذا، وقد اضطر فلان إلى كذا، وعرفها الجرجاني في التعريفات بقوله: هي النازل مما لا مدفع له.
وعرفها الفقهاء بأنها بلوغ الإنسان حدًّا إن لم يتناول الممنوع، هلك، أو قارب، كالمضطر للأكل، أو اللبس، بحيث لو بقي جائعًا، أو عريانًا لمات، أو تلف منه عضو، وهذا يبيح تناول المحرم.
وليعلم أن كثيرًا من الناس قد حصل منهم التساهل، فوقعوا في المحرمات؛ بحجة أنهم مضطرون إلى ذلك، كالمريضة تتساهل في الذهاب إلى طبيب رجل، مع وجود من يقوم بتطبيبها من النساء، أو رجل يريد بناء بيت، فيطمع في اتساعه دون حاجة إليه، فيقترض بالربا، معتبرًا ذلك ضرورة، كما أننا ننبه إلى أن قاعدة: (الضرورات تبيح المحظورات)، مقيدة بقاعدة أخرى، وهي: (الضرورة تقدر بقدرها)، والأصل في ذلك قوله تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ {البقرة:173}.
فمن زاد على قدر الضرورة، فقد بغى، واعتدى، وأثم، وللفائدة راجع الفتوى: 3198.
والله أعلم.