الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالرضاع من المرأة الكافرة ينشر الحرمة, كما هو الحال بالنسبة للمرأة المسلمة, فلا فرق بينهما في هذه المسألة؛ جاء في الموسوعة الفقهية: إن ارتضع مسلم من ذمية رضاعًا محرمًا حرمت عليه بناتها وفروعها كلهن وأصولها كالمسلمة؛ لأن النصوص لم تفرق بين مسلمة وكافرة، وقد صرح بذلك المالكية والحنابلة، ولا تأبى ذلك قواعد المذاهب الأخرى. انتهى.
وجاء في منح الجليل: (ورضاع) الرضيع حال (الكفر) لصاحبة اللبن، وصاحبه (معتبر) بفتح الموحدة، وكذا حال الرق؛ فلو أرضعت كافرة صغيرًا مسلمًا قدر ولدا لها ولصاحب لبنها ولو استمرا على دينهما. اهـ.
وبناء على ذلك؛ فإن الرجل المذكور إذا كان قد اشترك مع أم زوجتك في الارتضاع من امرأة واحدة، فإنه يعتبر خالًا من الرضاع لزوجتك، وبالتالي فهو محرمها.
ولكن محرميته لها تختلف عن محرمية المسلم للمسلمة؛ فهو لا يكون محرمها في السفر؛ قال الرحيباني الحنبلي في مطالب أولي النهى: تنبيه: ولا تسافر مسلمة مع أبيها الكافر؛ لأنه ليس محرمًا لها في السفر، نصًّا، وإن كان محرمًا في النظر. اهـ.
وزاد أخرون منع خلوة المحرم الكافر في بعض الأحوال؛ قال السرخسي في المبسوط: "وَيَسْتَوِي أَنْ يَكُونَ الْمَحْرَمُ حُرًّا أَوْ مَمْلُوكًا مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا؛ لِأَنَّ كُلَّ ذِي دِينٍ يَقُومُ بِحِفْظِ مَحَارِمِهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مَجُوسِيًّا؛ فَحِينَئِذٍ لَا تَخْرُجُ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ إبَاحَتَهَا لَهُ، فَلَا يَنْقَطِعُ طَمَعُهُ عَنْهَا، فَلِهَذَا لَا تُسَافِرُ مَعَهُ, وَلَا يَخْلُو بِهَا". انتهى.
مع التنبيه على أن الرضاع الذي ينشر الحرمة ويثبت به التحريم لا بد أن يكون خمس رضعات مشبعات على الراجح، كما سبق تفصيله في الفتوى رقم: 52835.
والله أعلم.