الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنتم بطوافكم للوداع قبل سفركم من مكة إلى بلدكم -مرورًا بمدينة جدة- بعد الانتهاء من مناسك الحج؛ جاء في الشرح الممتع للشيخ/ ابن عثيمين: أما لو أراد الخروج إلى بلد آخر عبر سفره إلى بلده فهنا يطوف، كما لو أراد الخروج إلى بلده عن طريق المدينة فاتجه إلى المدينة، وهو يريد السفر إلى بلده، فإن هذا يلزمه الطواف؛ لأنه حقيقة غادر مكة. انتهى.
والحاج يجب عليه طواف الوداع عند الجمهور, كما سبق في الفتوى رقم: 79853.
وبخصوص مروركم بمكة في طريقكم إلى بلدكم: فقد اختلف أهل العلم فيما إذا كان يجب عليكم طواف الوداع أم لا، وقد رجح كثير منهم عدم الوجوب في هذه الحالة؛ جاء في المغني لابن قدامة: فإن ودع وخرج، ثم دخل مكة لحاجة، فقال أحمد: أحب إليّ ألا يدخل إلا محرمًا، وأحب إليّ إذا خرج أن يودع البيت بالطواف. وهذا لأنه لم يدخل لإتمام النسك، إنما دخل لحاجة غير متكررة، فأشبه من يدخلها للإقامة بها. انتهى.
وفي فتاوى نور على الدرب للشيخ/ ابن باز: يقول السائل: بالنسبة لطواف الوداع، هل هو لمن قدم للحج أو العمرة، أو لمن قدم لمكة ولو لم ينو نسك الحج والعمرة؟
ج: فيه خلاف بين العلماء، والأرجح أنه للحاج فقط، أما من دخل مكة لتجارة أو غيرها فليس عليه طواف، كذلك المعتمر لا يجب عليه الطواف، لكن لو طاف يكون أفضل. انتهى.
وأوجبه بعضهم، والوجوب هو المفتى به عندنا، كما سبق تفصيله في الفتوى رقم: 103398.
وعلى هذا القول؛ يكون على تارك طواف الوداع دم؛ جاء في المجموع للنووي: إذا خرج بلا وداع، وقلنا: يجب طواف الوداع. عصى، ولزمه العود للطواف ما لم يبلغ مسافة القصر من مكة، فإن بلغها لم يجب العود بعد ذلك، ومتى لم يعد لزمه الدم. انتهى.
وهذا الدم الواجب لأجل ترك طواف الوداع أقلّه شاة تذبح في الحرم, وتوزع على الفقراء من أهله, وبإمكان الشخص توكيل من يقوم بذلك نيابة عنه.
والله أعلم .