الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يظهر من السؤال كون اليمين الذي حلفه صديقك غموسًا؛ حيث لم يذكر في كلامه شيئًا عن قائد السيارة أصلًا، لا تصريحًا ولا تعريضًا، ولا نفيًا ولا إثباتًا. وانظر الفتوى رقم: 137700.
وعلى فرض أن ما حلفه يمينًا غموسًا؛ فالإثم مرفوع عنك، وعن كل من كان جاهلًا بالحكم الشرعي لذلك اليمين؛ لعموم قوله تعالى: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا {البقرة:286}.
أما من كان عالمًا بالتحريم، وأعان هذا الشخص، أو تواطأ معه من أجل أخذ مال من شركة التأمين لا يستحقه، فإنه آثم.
وقد بيّنّا في الفتوى رقم: 7394 حكم التأمين بأنواعه، وبيّنّا أن الأصل حرمة الاشتراك في التأمين التجاري، اللهم إلا إن كان إجباريًّا، فحينئذ يجوز للمشترك فيه الانتفاع منه بقدر ما دفعه من مبالغ.
وعلى هذا؛ فإن كان مجموع ما دفعته شركة التأمين في الحادث المذكور مساويًا لما دفعه صديقك من اشتراكات، فلا مدخل للضمان هنا أصلًا.
أما إن كان زائدًا على اشتراكاته، فحينئذ يكون الضمان عليه هو فقط دونك، ودون الشرطي صاحب الفكرة، ومن نقلوها إليه، أو أيدوها؛ لما تقرر فقهًا من أنه إذا اجتمع مباشر ومتسبب فالضمان على المباشر.
والمال المأخوذ من شركة التأمين -حينئذ- يكون في حكم الأموال المسروقة، ونحوها؛ لأن شركة التأمين لو علمت حقيقة الأمر لما رضيت بدفع المال.
وعلى تقدير أن صاحب السيارة الأخرى قد تواطأ معهم على الكذب؛ فإنه يأثم بذلك، كما يحرم عليه ما أخذه من شركة التأمين، وهذا بخلاف ما لو أخذه مع علمها بحقيقة الأمر، فلا حرج عليه حينئذ، حتى وإن كان التأمين تجاريًّا محرمًا؛ حيث تتعلق الحرمة حينئذ بذمة الطرف الآخر، لا بعين المال على الراجح، وانظر الفتويين: 77233، 52438، وما أحيل عليه فيهما.
والله أعلم.