الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنشكرك على غيرتك على دين الله، وعلى محارمه، وهذا من شأن أهل الإيمان، فلا خير فيمن لا يغار على حرمات الله عز وجل.
وما ذكرت عن أمك من تساهلها في أمر الاختلاط بالأجانب، والحديث معهم، ومضاحكتهم، إضافة إلى كشفها وجهها عندهم، فكل هذه أمور منكرة؛ فقد جعل الشرع سياجا متينا بين الرجل والمرأة الأجنبية، ووضع أسسا للتعامل بينهم، وقد أوضحنا شيئا من ذلك في الفتوى رقم: 30792، والفتوى رقم: 21582.
وقد أحسنت بإنكار هذه التصرفات على أمك، وداوم على نصحها ما رجوت لذلك نفعا، وليكن نصحها بالحسنى، فهذا مطلوب في نصح كل أحد، ولكنه يتأكد في نصح الوالدين خاصة، والأم على وجه أخص، فالإنكار على الوالدين ليس كالإنكار على غيرهما من سائر الناس.
جاء في كتاب الآداب الشرعية لابن مفلح: فصل في أمر الوالدين بالمعروف، ونهيهما عن المنكر، وقال في رواية حنبل: إذا رأى أباه على أمر يكرهه، يعلمه بغير عنف، ولا إساءة، ولا يغلظ له في الكلام، وإلا تركه، وليس الأب كالأجنبي. انتهى.
ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 109767 . ولا عذر فيما قالت أمك من أنها تتحرج منهم، وأن إخوتك قد تعودوا على هذا الشيء، وإن كان زوج أمك يقرها على هذه التصرفات، فهذه منه دياثة.
وأما أنت: فنحسب أنك من أبعد الناس عنها، ما دام حالك ما ذكرت من الإنكار بالقلب وباللسان؛ فالديوث هو الذي يقر الخنا في أهله، وأنت لست كذلك. وراجع لمزيد الفائدة انظر الفتوى رقم: 56653.
وتغطية الوجه محل خلاف بين الفقهاء، والمرجح عندنا وجوبه، كما هو مبين في الفتوى رقم: 4470.
وما تذكر أمك من ضيق التنفس، ليس بعذر يبيح لها كشف وجهها، فإن كان النقاب يؤذيها، فتسدل على وجهها ما يستره من غير أن يسبب لها ضيقا في التنفس، فإن كان لا انفكاك عن هذا المحذور ولو بالسدل، فلا حرج عليها في الترخص بكشفه، فقد قال تعالى: وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ. {الحج:78}.
ولتجتنب تواجدها حيث يوجد الأجانب، إلا فيما لا بد لها منه.
والله أعلم.