الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالدعوة الموعود بقبولها للمظلوم، هي دعوته على ظالمه، على ما يظهر، قال القاري في المرقاة: ... إذا دعا على ظالمه، يقرب من الإجابة. انتهى.
وقال المناوي في التيسير، ممزوجًا بأحاديث الجامع الصغير: (ودعوة الْمَظْلُوم) على ظالمه. انتهى.
وقد ذكر بعض أهل العلم في علة استجابة الدعاء، ما يحصل للمظلوم من الانكسار، والتضرع -وهي من أسباب الإجابة-، قال القاري في المرقاة: وإنما بولغ في حقها؛ لأنه لما لحقته نار الظالم، واحترقت أحشاؤه، خرج منه الدعاء بالتضرع، والانكسار، وحصل له حالة الاضطرار، فيقبل دعاؤه، كما قال تعالى: {أمن يجيب المضطر إذا دعاه، ويكشف السوء} [النمل: 62]. انتهى.
وقال المناوي في فيض القدير: تنبيه: قد ورد في التحذير من دعاء المظلوم، أحاديث لا تكاد تحصى، ومصرع الظالم قريب، والرب تعالى في الدعاء عليه مجيب، سيما بحالة الاحتراق، والانكسار، والذلة، والصغار بين يدي الملك الجبار في ساعة الأسحار، {وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون}. انتهى.
فلعل المظلوم إذا دعا لنفسه مع هذا الانكسار، أن تستجاب دعوته؛ للحال التي صحبتها؛ فإن حال القلب لها أثر في إجابة الدعاء.
قال الغزالي في الإحياء: وبالحقيقة يرجع شرف الأوقات إلى شرف الحالات أيضًا؛ إذ وقت السحر وقت صفاء القلب، وإخلاصه، وفراغه من المشوشات، ويوم عرفة، ويوم الجمعة وقت اجتماع الهمم، وتعاون القلوب على استدرار رحمة الله عز وجل؛ فهذا أحد أسباب شرف الأوقات، سوى ما فيها من أسرار لا يطلع البشر عليها. انتهى.
والله أعلم.