الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحجاب فريضة على المرأة المسلمة يجب عليها الالتزام به حيث كانت؛ سواء كانت في بلد مسلم أم في بلد غير مسلم، ففي الحديث عن معاذ ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اتق الله حيثما كنت.... الحديث رواه الترمذي.
فلا يجوز للمسلمة التهاون في الحجاب وخلعه، وقد أوضحنا أدلة فرضية الحجاب في الفتوى رقم: 18570.
والزوج مسؤول عن زوجته وله القوامة عليها، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {التحريم:6}.
قال السعدي: قوامون عليهن بإلزامهن بحقوق الله تعالى، من المحافظة على فرائضه وكفهن عن المفاسد، والرجال عليهم أن يلزموهن بذلك. اهـ.
وفي الصحيحين من حديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: والرجل راع في أهله، ومسؤول عن رعيته.
فيجب على زوجها إلزامها بالحجاب، قال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب: الواجب عليه أن يجبرها على أن تلبس اللباس الشرعي، وإذا قدر أنها عصت فله أن يمنعها من الخروج من البيت|، لأن الولاية له عليها، كما قال الله عز وجل: الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم. اهـ.
وأما أن يقرها زوجها على خلعه، فهذا إثم مبين، وفيه نوع من الدياثة، ولمعرفة معنى الديوث وعقوبته تنظر الفتوى رقم: 56653.
وإن كان ينكر فرضية الحجاب، فالأمر أخطر، لأن هذا قد يؤدي بصاحبه إلى الكفر، وعلى كل فإننا نوصي بالترفق بهما، والحرص على تعليمهما ونصحهما بالحسنى، قال تعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ... الآية{النحل:125}.
وفي صحيح مسلم عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه.
والهجر مشروع يلجأ إليه إن لم ينفع النصح، ورجي أن تكون فيه مصلحة، كما هو مبين في الفتوى رقم: 29790.
وما تقدم إنما هو في الحجاب بمعنى ستر الرأس وسائر البدن، وأما إن كان المقصود به تغطية الوجه فقط، فمع أن الراجح عندنا وجوب تغطيتهما لأدلة مبينة في الفتوى رقم: 5224، إلا أن الأمر فيه أهون، والخلاف فيه قوي، والمسألة فيه محل اجتهاد.
وننبه إلى خطر الإقامة في بلاد الكفر، وما فيها من المغريات ودواعي الفتنة ورقة الدين والتفلت على أحكام الشرع الحكيم، فمتى زالت الضرورة أو الحاجة الشديدة للإقامة هنالك وجبت الهجرة إلى بلاد الإسلام، وانظر الفتوى رقم: 144781.
والله أعلم.