الإجابــة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حديث الآحاد إذا ثبتت صحته فإنه يأخذ حكم المتواتر من حيث وجوب الإيمان به والعمل بمقتضاه، قال
ابن أبي العز في شرحه للعقيدة الطحاوية:
خبر الواحد إذا تلقته الأمة بالقبول عملاً به وتصديقاً له يفيد العلم اليقيني عند جماهير الأمة، وهو أحد قسمي المتواتر، ولم يكن بين سلف الأمة في ذلك نزاع. انتهى
وقال
ابن حجر في الفتح:
قد شاع عمل الصحابة والتابعين بخبر الواحد من غير نكير فاقتضى الاتفاق منهم على القبول. انتهى
وبناء على هذا؛ فإنه لا فرق في ذلك بين الأمور المتعلقة بالعقيدة أو غيرها من الأحكام العملية ما دام الحديث صحيحاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم:
6906.
أما بخصوص عذاب القبر ونعيمه فنود أن ننبه السائل إلى أن الإيمان به واجب لثبوت ذلك في أحاديث بلغت حد التواتر، قال
الحافظ ابن رجب في كتابه أهوال القبور:
وقد تواترت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في عذاب القبر، ففي الصحيحين عن أم المؤمنين عائشة الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما أنها قالت: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن عذاب القبر؟ قال: نعم، عذاب القبر حق. ومنها: قوله صلى الله عليه وسلم:
الْعَبْدُ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتُوُلِّيَ وَذَهَبَ أَصْحَابُهُ حَتَّى إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ أَتَاهُ مَلَكَانِ فَأَقْعَدَاهُ فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، فَيُقَالُ: انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنْ النَّارِ أَبْدَلَكَ اللَّهُ بِهِ مَقْعَدًا مِنْ الْجَنَّةِ. قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا. وَأَمَّا الْكَافِرُ أَوْ الْمُنَافِقُ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ. فَيُقَالُ: لَا دَرَيْتَ وَلَا تَلَيْتَ ثُمَّ يُضْرَبُ بِمِطْرَقَةٍ مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً بَيْنَ أُذُنَيْهِ فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ. رواه
البخاري عن
أنس. وجملة القول هنا: إن الإنسان إذا أنكر عذاب القبر أو نعيمه لعدم علمه بثبوت ذلك شرعاً فإنه يعذر لجهله، أما إذا علم وأنكر فإنه يعتبر كافراً لرفضه ما هو قطعي من الدين.
والله أعلم.