الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فههنا مسألتان:
المسألة الأولى: نذر ترك المعصية، والحكم فيه أن ترك المعاصي واجب بأصل الشرع، ولا يحتاج إلى نذر، الا أن نذر تركها يؤكد هذا الوجوب، فلا يجوز لك أن تقترفيها، وما دمت قد اقترفتها فإن عليك أن تستغفري الله تعالى وتتوبي إليه، ولا تلزمك كفارة عند جمهور العلماء؛ لأن نذر ترك المحرم لا ينعقد، ولا يلزم منه غير التوبة والاستغفار؛ لأنه واجب أصلا ـ كما ذكرنا ـ ولا يصح التزام ما هو واجب، وهذا هو الذي عليه الفتوى عندنا، وانظري الفتوى رقم: 125080. وانظري الفتوى رقم: 15049، والفتوى رقم: 141699.
وعلى القول بلزومه يكون عليك الاجتهاد والتحري في معرفة عدد النذور وإخراج الكفارة بحسب ذلك، وإن لم تستطيعي معرفة عددها، وشككت في أعداد معينة، فخذي بالأقل منها لأنه هو المتيقن، والأصل براءة الذمة، وهذا إن كانت نذور مختلفة على أشياء متعددة، أما إن كانت نذور مكررة على شيء واحد كمن نذر مرات أن يفعل أو يترك شيئا معينا، فكفارة واحدة كما سبق ذكره في الفتوى رقم: 8186.
المسألة الثانية: الأيمان المتكررة، والحكم فيها أنها إن كانت على أمر واحد، فالراجح الذي عليه جمهور أهل العلم أنه لا تلزم فيها عند الحنث إلا كفارة واحدة، كما سبق بيانه في الفتويين التالية أرقامهما: 56462، 79783.
وعلى هذا تلزمك كفارة واحدة إن كنت قد حلفت أيمانا متعددة على شيء واحد بصرف النظر عن عددها، وانظري الفتوى رقم: 136912، والفتوى رقم: 137841.
أما إن كانت الأيمان التي حلفت على أشياء متعددة فإن الكفارة تتعدد عليك ـ على الراجح ـ بتعدد المحلوف عليه أو عنه والحنث فيه، وانظري الفتوى رقم: 113144.
وبما أنك لا تعلمين عددها بالتحديد، فالحكم كما سبق في النذر وهو أنك تجتهدين في تحديدها، وتأخذين بالأقل عند عدم معرفة عددها بالضبط، يقول الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ: إذا كانت عليك أيمان متعددة ولم تدر قدرها، فتحر، وإذا شككت هل هي عشرة أو خمسة ـ مثلا ـ؟ فخذ بالأقل، خذ بخمسة؛ لأنها المتيقنة، وما زاد فهو مشكوك فيه، فلا يلزمك فيه الكفارة. اهـ.
والله أعلم.