الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النظر إلى المشاهد الفاضحة ـ كتقبيل رجل لامرأة أجنبية ـ لا ريب في حرمته، فهو مناف لغض البص المأمور به في قوله تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {النور:30}.
وفي النظر إلى تلك المشاهد نوع إقرار لها ورضا بها، وهذا موجب آخر للتحريم، قال البجيرمي الشافعي في حاشيته على شرح الخطيب: وما هو حرام في نفسه يحرم التفرج عليه، لأنه رضا به، كما قاله ابن قاسم على المنهج. اهـ.
وجاء في حاشية الشرواني على تحفة المحتاج: قال الحلبي: وكل ما حرم، حرم التفرج عليه، لأنه إعانة على المعصية. اهـ.
وقال العدوي المالكي في حاشيته على كفاية الطالب: والحاصل أن ما يحرم فعله، يحرم النظر إليه. اهـ.
واستسهال مثل هذا المشاهد المنكرة واعتبارها أمرا عاديا ينبئ عن قلة الأيمان وضعفه، وذلك أن إنكار المنكر بالقلب فريضة لا تسقط بحال، فقد أخرج مسلم في صحيحه عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان.
وأخرج عن عبد الله ابن مسعود، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون، وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل.
قال ابن رجب: فدلت هذه الأحاديث كلها على وجوب إنكار المنكر بحسب القدرة عليه، وأن إنكاره بالقلب لابد منه، فمن لم ينكر قلبه المنكر، دل على ذهاب الإيمان من قلبه. اهـ.
فعليك بالكف عن النظر إلى المشاهد المخلة، والتوبة والاستغفار مما سلف، واعلمي أن المحاذير الشرعية في الأفلام والمسلسلات لا تقتصر على المشاهد المخلة فحسب، بل هناك محاذير أخرى كثيرة، كالدعوة إلى المنكرات والكذب والأفكار المنحرفة، وتزيين الفواحش والعلاقات المحرمة، وتطبيعها، وما كان كذلك لا تجوز متابعته مطلقا، وراجعي في هذا الفتاوى التالية أرقامها: 1791، 119005، 190043.
والله أعلم.