الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم لنا تفصيل أقوال الفقهاء في حكم المشاركة في مثل هذا النوع من المسابقات، وقد رجحنا الجواز، وانظر في ذلك الفتويين رقم: 11604، ورقم: 151315.
لكن العوض إذا بذل من المتسابقين أنفسهم فجمهور الفقهاء على عدم الجواز، وأنه من القمار المحرم، لأن كل واحد منهم لا يخلو من غنم، أو غرم، فإن أدخلوا بينهم محللاً ـ وهو دخيل عليهم ـ لم يبذل شيئاً من العوض جاز عند الجمهور، لأن هذا المحلل لا يدور حاله بين الغرم والغرم، وانظر الفتوى رقم: 35555.
وبناء عليه، فلا يجوز الاشتراك في هذا النوع من المسابقات بالكيفية المذكورة إلا إذا كان ثمة طرف ثالث معين هو الذي يدفع الجائزة وحده، أو كان بين المتسابقين من لم يدفع شيئا، ويكون له أخذ ما طرحوا إن سَبق، وليس عليه شيء إن سُبق، قال النووي في الروضة: الشرط الرابع: أن يكون فيهم محلل، ومال المسابقة قد يخرجه المتسابقان، أو أحدهما أو غيرهما.
الحالة الأولى: أن يخرجه غيرهما، فيجوز للإمام أن يخرج المال من خاص نفسه ومن بيت المال، لما فيه من التحريض على تعلم الفروسية، وإعداد أسباب القتال، ويجوز للواحد من الرعية إخراجه من مال نفسه، لأنه بذل مال في طاعة ويثاب عليه إذا نوى، وسواء تسابق اثنان أو أكثر، ومن سبق، أخذ المال.
الحالة الثانية: أن يخرجه أحدهما، ويشرطانه إن سبق أحرزه ولا شيء له على الآخر، وإن سبق الآخر، أخذه، فيجوز ولو تسابق أكثر من اثنين، وأخرجه اثنان فصاعدا، وشرطوا أن من سبق من المخرجين لم يحرز إلا ما أخرجه، ومن سبق من غيرهم، أخذ ما أخرجه المخرجون، جاز أيضا.
الثالثة: أن يخرجه المتسابقان، فيقول كل واحد: إن سبقتك، فلي عليك كذا، وإن سبقتني، فلك علي كذا، فهذا لا يجوز، لأنه صورة قمار إلا أن يدخلا بينهما محللا وهو ثالث يشاركهما في المسابقة على أنه إن سبق أخذ ما شرطاه، وإن سبق فلا شيء عليه، فيجوز لأنه يخرج عن صورة القمار، ثم إن شرطا أن يختص المحلل بالاستحقاق، وإن سبق أحدهما كل واحد منهما لا يأخذ إلا ما أخرج، فهذا جائز بالاتفاق، وإن شرطا أن المحلل يأخذ السبقين وإن سبق أحدهما أحدهما، جاز على الصحيح المنصوص، ومنعه ابن خيران، فإذا قلنا بالمنصوص وكان المتسابقون مائة مثلا، وليس فيهم إلا محلل واحد، وشرط أن يأخذ جميع ما أخرجوه إن سبق ولا يغرم إن سُبق، وكل واحد من المتسابقين إن سبق غنم، وإن سُبق، غرم، صح العقد والشرط. اهـ.
والله أعلم.