الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تكرار الأسئلة والبحث عن دقائق الأمور يجعلنا نشك فيما إذا كان لديك وسواس أو لا، فإن كنت من أهل الوسواس فاطرحيه جانبا، وأعرضي عنه بالكلية، فذلك أنجع دواء له، وراجعي بشأن سبل العلاج منه فتوانا رقم: 51601.
ثم إنه بخصوص ما سألت عنه: فسنكتفي بتوضيحات بسيطة حول الجزئيات التي طرحت، حيث سبق أن أجبناك في الفتوى السابقة بما نظنه كافيا ولا حاجة للتكرار:
1- حيث إنك نويت أن تقولي الأذكار بعد صلاة الظهر أو غيرها: فهذا لا يستلزم أن تكوني طاهرة ما لم تكوني قد نويت ذلك عند نذرك، وعليه؛ فلو صليت وانتقض وضوؤك فلك أن تقولي الأذكار المنذورة دون تجديد للوضوء.
2- قولك: "هل إن لم أكن طاهرة يكون عليّ إثم الصلاة بغير طهارة أو أن لا أصلي فقط أم سوف يكون عليّ إثم الصلاة بغير طهارة وإثم النذر للأذكار بغير طهارة أيضا؟" فالجواب: أنه لم يتضح لنا بشكل كامل ما تقصدينه، وعلى العموم نقول: إن الطهارة شرط لصحة الصلاة، ويجب على من وجبت عليه الصلاة أن يحصل ما يستطيع من شروطها، وما دمت تستطيعين الطهارة فعليك أن تتطهري، وإن لم تفعلي ذلك فعليك إثم ترك الصلاة، وإثم ترك الأذكار المنذورة بعدها. وإن صليت بطهارة ثم ذكرت الله على غير الطهارة فمن البدهي أنك لا تعتبرين صليت بغير طهارة!
3- قولك: "ومن أجل السنة والنصف قلتم: إنه يجب عليّ القضاء مع الكفارة، ولكن إذا كان الشخص لا يعلم أن حكم ما قاله يصل إلى هذا الحد... " إلخ، فجوابه: أن الجهل في مثل هذه الأمور لا يعذر به؛ فالصحابي الذي ألزمه النبي -صلى الله عليه وسلم- بالكفارة لإقدامه على الجماع في نهار رمضان كان جاهلًا بوجوب الكفارة، ولم يؤثر ذلك في إسقاطها عنه. وانظري الفتوى رقم: 127442.
لكن ننبهك إلى أن الكفارة المقصودة هنا هي كفارة تأخير الوفاء بالنذر في وقته المحدد له، وقد قال بوجوبها الحنابلة كما أفتيناك سابقًا، وهو الأحوط لك.
لكن لا مانع من الأخذ بالقول الآخر القائل بعدم وجوبها -وهو قول متجه-، وإن أخذت به يكون عليك قضاء الأذكار فقط دون الكفارة.
4- لكل من المني والمذي صفات واضحة يتميز بها عن الآخر، وقد فصلناها في الفتوى رقم: 65593، فراجعيها.
واعلمي أن الغالب في الإفرازات التي تخرج بعد النظر والتفكير فيما يثير الشهوة أن تكون مذيا ما لم تتصف بصفات المني. ولكن لا يمكن الحكم بأن المني لا يخرج إلا من خلال الجماع أو العادة السرية، فقد يخرج بمجرد التفكير، وقد يخرج بلا سبب، لكنه إن خرج بلا لذة فلا يجب منه الغسل على الراجح، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 142433.
والله أعلم.