الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يشتغل بالتجارة قبل البعثة، كما اشتغل برعي الغنم في بعض فترات حياته الأولى، فلما بعث اشتغل عن التكسب بالدعوة إلى الله تعالى، وتبليغ رسالته التي كلف وشرف بها من ربه -عز وجل-، وأغناه الله تعالى؛ ليتفرغ لما اختاره له، وهو المغني سبحانه: وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى {الضحى:8}، أي: بمال خديجة، كما قال المفسرون.
حيث ساعدته - في بداية الدعوة- بمالها، وقد جاء في مسند أحمد: قوله عليه الصلاة والسلام - في شأن خديجة -: ( وواستني بمالها إذ حرمني الناس ).
وبعد الهجرة فرض الجهاد، وأبيحت الغنائم، والفيء، وشرع للنبي -صلى الله عليه وسلم- أخذ نصيب معلوم من ذلك كما قال تعالى: وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {الأنفال:41}، وقال: مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ..{الحشر:7}. فعوضه الله بذلك عن العمل والتكسب. وراجع الفتوى رقم: 80893، والفتوى رقم: 7290.
والله أعلم.