الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا بالفتوى رقم: 68093، أن تفطير الصائم، ولو بالتمر، أو جرعة ماء داخل في الحديث، وأنه ينبغي لمن أراد تفطير صائم أن يطعمه أول ما يفطر به، فلا ينبغي أن يكتفي بإعداد الأطعمة الشهية، والتقصير في تقديم أول الفطور من الماء، والتمر ونحوهما.
قال العثيمين ـ رحمه الله ـ في شرح رياض الصالحين: واختلف العلماء في معنى من فطر صائما فقيل: إن المراد من فطره على أدنى ما يفطر به الصائم ولو بتمرة، وقال بعض العلماء: المراد بتفطيره أن يشبعه لأن هذا هو الذي ينفع الصائم طول ليله وربما يستغني به عن السحور؟ ولكن ظاهر الحديث أن الإنسان لو فطر صائما ولو بتمرة واحدة فإنه له مثل أجره، ولهذا ينبغي للإنسان أن يحرص على إفطار الصائمين بقدر المستطاع لاسيما مع حاجة الصائمين وفقرهم أو حاجتهم لكونهم لا يجدون من يقوم بتجهيز الفطور لهم وما أشبه ذلك. انتهى.
وعلى هذا فمن يعطي التمر يرجى له أجر التفطير.
ثم إن النية شرط في نيل الثواب، ولا بد أن تسبق العمل، أي قبل إطعام الصائمين، وانظر الفتويين التالية أرقامهما: 204652، 121065.
فلو أنه أعطاك بلا نية، ثم نوى قبل إعطاء الصائمين، فله أجره إن شاء الله؛ لحصول النية قبل العمل.
وهذا الذي أعد الطعام، وتكلف فيه له أجر إن شاء الله، ـ وإن أطعم التمر غيرُه ـ، فله أولاً أجر إطعام الطعام، المذكور بالفتوى رقم: 104967، وقد يؤجر أجر تفطير الصائم عند من يقول: تفطير الصائم: إشباعه.
وقد يتشاركان الأجر: من أعطى التمر، ومن أطعم الإفطار، وبحسب بذله يزداد أجره؛ قال النووي في شرح مسلم: في شرح حديث: من جهز غازيا في سبيل الله فقد غزا ومن خلفه في أهله بخير فقد غزا: أي: حصل له أجر بسبب الغزو قال وهذا الأجر يحصل بكل جهاز سواء قليله وكثيره ولكل خالف في أهل الغازي بخير من قضاء حاجة لهم أو إنفاق عليهم أو ذب عنهم أو مساعدتهم في أمر لهم ويختلف قدر الثواب بقلة ذلك وكثرته.انتهى.
ثم لو فرضنا أن من قدم التمر ـ الذي يفطر عليه الصائم ـ أخذ أجر التفطير دون من أطعم سائر الطعام، فلمن أطعم سائر الطعام مع أجر الإطعام أجر نية التفطير ـ إن كان نواه ـ، كما بينا بالفتوى رقم: 153195.
والله أعلم.