الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فما دمت حريصة على الحجاب فإنه لا إثم عليك إذا انكشف شيء من شعرك عن غير عمد؛ لقول الله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الأحزاب:5}، قال ابن كثير في تفسير (ولكن ما تعمدت قلوبكم): أَيْ: وَإِنَّمَا الْإِثْمُ عَلَى مَنْ تَعَمَّدَ الْبَاطِلَ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُم}.
وأما ما ذكرته لك أمك من جواز كشف الوجه في الحرم فإن المحرمة تكشف وجهها حال إحرامها بحج أو عمرة، وتغطيه إذا مرت بمحاذاة الرجال؛ لحديث عَائِشَةَ ـ رضي الله عنها ـ قَالَتْ: كَانَ الرُّكْبَانُ يَمُرُّونَ بِنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْرِمَاتٌ، فَإِذَا حَاذَوْا بِنَا سَدَلَتْ إِحْدَانَا جِلْبَابَهَا مِنْ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا، فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاهُ. رواه أبو داود، وما دمت تكشفينه ثم تغطينه بحضرة الرجال فهذا ما تطالبين به، ولو فُرِضَ أنك كشفتِه في حال لا يجوز لك فيه كشفه فإنك تطالبين بالتوبة وليس عليك كفارة، ونسأل الله أن يتقبل منا ومنك صالح العمل.
والله تعالى أعلم