الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن لاستجابة الدعاء شروطا ينبغي للداعي أن يراعيها، ولها أسباب ينبغي الأخذ بها، وكنا قد فصلنا كل ذلك في فتاوى سابقة فراجع فيه الفتويين التاليتين أرقامهما: 11571، 123642.
ومن هذه الموانع المعاصي عموما، ولا يعني ذلك استحالة الإجابة، ولا يدل الحديث على ذلك، وإنما يدل على أن هذه الحال يبعد معها الإجابة، قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم: وقوله صلى الله عليه وسلم: فأنى يستجاب لذلك معناه: كيف يستجاب له؟ فهو استفهام وقع على وجه التعجب والاستبعاد، وليس صريحا في استحالة الاستجابة، ومنعها بالكلية، فيؤخذ من هذا أن التوسع في الحرام والتغذي به من جملة موانع الإجابة، وقد يوجد ما يمنع هذا المانع من منعه، وقد يكون ارتكاب المحرمات الفعلية مانعا من الإجابة أيضا، وكذلك ترك الواجبات كما في الحديث أن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يمنع استجابة دعاء الأخيار، وفعل الطاعات يكون موجبا لاستجابة الدعاء. اهـ
وبهذا تعرف جواب الإشكال، ولذا قال سفيان بن عيينة: لا يمنعنّ أحدكم من الدعاء ما يعلم من نفسه، فإن الله عز وجل أجاب دعاء شر الخلق إبليس لعنه الله إذ قال: (قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ) [الحجر:36-37].
ثم إن استجابة الدعاء لا يلزم أن تكون بتعجيل الإجابة، وإنما تكون بإحدى ثلاث وردت في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا: إذا نكثر، قال: الله أكثر. رواه أحمد، والترمذي، والحاكم.
وانظر للفائدة الفتوى رقم: 56637.
والله أعلم.