الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالتثبت قبل قبول ما نقله غير الثقات، رأي سديد، ومسلك رشيد، فقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ. [الحجرات: 6].
قال ابن القيم: التبيّن طلب بيان حقيقته، والإحاطة بها علما. وهاهنا فائدة لطيفة، وهي أنه سبحانه لم يأمر برد خبر الفاسق، وتكذيبه، وشهادته جملة، وإنما أمر بالتبين، فإن قامت قرائن، وأدلة من خارج تدل على صدقه، عمل بدليل الصدق، ولو أخبر به من أخبر. اهـ.
وقال الشنقيطي في أضواء البيان: دلت هذه الآية من سورة الحجرات على أمرين:
الأول منهما: أن الفاسق إن جاء بنبأ ممكن معرفة حقيقته، وهل ما قاله فيه الفاسق حق، أو كذب -فإنه يجب فيه التثبت.
والثاني: هو ما استدل عليه بها أهل الأصول من قبول خبر العدل؛ لأن قوله تعالى: {إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا} دل بدليل خطابه، أعني مفهوم مخالفته أن الجائي بنبإ، إن كان غير فاسق، بل عدلا، لا يلزم التبين في نبئه على قراءة: {فتبينوا} ولا التثبت على قراءة: {فتثبتوا} وهو كذلك. اهـ.
وكذلك عدم تلقي العلم إلا عمن تعرف أهليته، فقد روى مسلم في مقدمة صحيحه عن ابن سيرين قال: إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم. وهذا إنما يعرف بأحد أمرين: إما الشهرة والاستفاضة، وإما تزكية أهل العلم المشهود لهم بالأهلية. وانظر الفتوى رقم: 199465.
وكذلك الأخذ بالقول الأحوط عند اختلاف العلماء هو الأولى والأفضل، ما لم يصل بصاحبه إلى حد العنت، والوقع في الحرج؛ وراجع الفتويين: 1839، 77584. وراجع في تكرار السؤال لأكثر من عالم الفتوى رقم: 149955.
والله أعلم.