أحكام من أحرمت بالعمرة ولم تتمها وجامعها زوجها عدة مرات راضية أو جاهلة أو مكرهة

15-9-2014 | إسلام ويب

السؤال:
سيدة أحرمت للعمرة ثم أتاها الحيض فلم تطف وعادت إلى بلدها وجامعها زوجها ثلاث مرات، فما الحكم في الحالات الآتية: إن كانت عالمة أو جاهلة أنها لا زالت على إحرامها وعليها الامتناع عن الجماع؟ وإن كانت راضية أو مرغمة على الجماع؟ وإن كانت قادرة أو غير قادرة على العودة إلى مكة لإكمال العمرة؟ وهل يتكرر ذبح الهدي بتكرر الجماع؟.

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذه المرأة التي أحرمت بالعمرة ورجعت لبلدها قبل تكميل عمرتها تعتبر باقية على إحرامها حتى ترجع لمكة ثم تكمل عمرتها, وبخصوص ما حصل من جماع, ففيه شاة ـ تذبح في الحرم, وتوزع على الفقراء من أهله ـ بناء على ما رجحه بعض أهل العلم, جاء في المغني لابن قدامة: ومن وطئ قبل التحلل من العمرة، فسدت عمرته، وعليه شاة مع القضاء، وقال الشافعي: عليه القضاء وبدنة، لأنها عبادة تشتمل على طواف وسعي، فأشبهت الحج، وقال أبو حنيفة: إن وطئ قبل أن يطوف أربعة أشواط كقولنا، وإن وطئ بعد ذلك فعليه شاة، ولا تفسد عمرته، ولنا على الشافعي أنها عبادة لا وقوف فيها، فلم يجب فيها بدنة، كما لو قرنها بالحج، ولأن العمرة دون الحج، فيجب أن يكون حكمها دون حكمه، وبهذا يخرج الحج، ولنا على أبي حنيفة أن الجماع من محظورات الإحرام، فاستوى فيه ما قبل الطواف وبعده، كسائر المحظورات، ولأنه وطء صادف إحراما تاما فأفسده، كما قبل الطواف. انتهى.

وهذا الجماع تلزمه فيه شاة واحدة, ولو تكرر أكثر من مرة, جاء في الشرح الكبير لابن قدامة: وكذلك الحكم فيما إذا وطئ ثم وطئ، أو لبس ثم لبس، أو تطيب ثم تطيب، وكذلك سائر محظورات الإحرام إذا كررها ما خلا قتل الصيد، وسواء فعله متتابعاً أو متفرقاً، فإن فعلها مجتمعة كفعلها متفرقة في وجوب الفدية ما لم يكفر عن الأول قبل فعل الثاني. انتهى.

وبخصوص ما أقدمت عليه هذه المرأة من محظورات الإحرام الأخرى, فما كان منه من قبيل الإتلاف ـ كقص الشعر وتقليم الأظافر ـ ففي كل جنس منه فدية واحدة, وما كان من قبيل الترفه كلبس المخيط، واستعمال الطيب: فلا شيء فيه إذا كان جهلا, وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 14023.

وللتعرف على أنواع الفدية بالتفصيل راجعي الفتوى رقم: 26306.

والهدي المترتب على الجماع  واجب على الزوجة إذا كانت راضية بالجماع, أما إذا كانت مكرهة فالهدي واجب على زوجها, قال ابن قدامة في المغني: قال أحمد، في من وقع على امرأته قبل تقصيرها من عمرتها: تذبح شاة، قيل: عليه أو عليها؟ قال: عليها هي، وهذا محمول على أنها طاوعته، فإن أكرهها فالدم عليه. انتهى.

ثم إن كان هذا الجماع جهلا, فلا تفسد العمرة عند كثير من أهل العلم، كما ذكرنا في الفتوى رقم: 15047.

وإن كان الجماع عمدا فالعمرة فاسدة, ويجب على هذه المرأة المبادرة بالرجوع إلى مكة, ثم تكمل عمرتها الفاسدة, ثم تحرم من نفس الميقات بعمرة أخرى قضاء للعمرة الفاسدة, جاء في فتاوى اللجنة الدائمة فيمن رجع إلى بلده قبل أن يتم عمرته ويتحلل منها: ما فعلتموه خطأ، ويجب عليكم جميعا إعادة ملابس الإحرام، والامتناع عن محظوراته، والعودة إلى مكة وأداء العمرة التي أحرمتم بها، مع التوبة إلى الله سبحانه مما فعلتم، لأن من أحرم بنسك حج أو عمرة وجب عليه أداؤه، لقوله تعالى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ـ ولا يجوز له رفضه، ومن حصل منه جماع في هذه المدة، فإنه يجب عليه المضي في العمرة إلى أن يكملها كما ذكرنا، ثم يعود إلى الميقات الذي أحرم منه أولا، ويحرم بعمرة جديدة قضاء للعمرة التي أفسدها بالجماع، ويذبح فدية، وهي شاة تجزئ أضحية يذبحها في مكة، ويوزعها على فقراء الحرم. اهــ.

وفي حال عجز هذه المرأة عن الرجوع إلى مكة فإنها حينئذ ينطبق عليها حكم المحصر, وبالتالي, فلها أن تتحلل من عمرتها بالتقصير, ويكفيها ذبح شاة أو بدنة وتوزعها على الفقراء في بلد إقامتها، فإن عجزت عن الهدي صامت عشرة أيام, وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 180111.

والله أعلم. 

www.islamweb.net