الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالفرق الرئيس بين الخلافة الراشدة، وبين ملك معاوية-رضي الله عنه-أن الخلافة الراشدة كان تنصيب الخليفة فيها اختيارا واجتماعا، وتنصيبه في زمن معاوية كان مغالبة بالتوريث.
قال ابن خلدون-رحمه الله-في تاريخه: الخلافة لعهده كانت مغالبة، لأجل ما قدمناه من العصبية التي حدثت لعصره، وأما قبل ذلك كانت اختيارا واجتماعا. انتهى.
وأما معاني الخلافة، ومقاصدها فقد بقيت في زمان معاوية رضي الله عنه، وإن كانت خلافة الأربعة أكمل من ملكه بلا شك، بل إن خلافة أبي بكر وعمر-رضي الله عنهما-أكمل ممن جاء بعدهما.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-في جامع المسائل: وجرى بعد موت معاوية من الفتن، والفرقة، والاختلاف ما ظهر به مصداقُ ما أخبر به النبيُّ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-حيث قال: سيكون نبوّة ورحمة، ثم يكون خلافةُ نبوةٍ ورحمة، ثم يكون ملك ورحمة، ثم يكون ملك عضوض.
فكانت نبوّةُ النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-نبوّة، ورحمة، وكانت خلافةُ الخلفاء الراشدين خلافةَ نبوّةٍ، ورحمة، وكانت إمارةُ معاوية مُلكًا ورحمة، وبعده وقع مُلكٌ عَضُوض. انتهى.
وقال أيضا في مجموع الفتاوى: وَمَعَ هَذَا فَلِكُلِّ خَلِيفَةٍ مَرْتَبَةٌ. فَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ لَا يُوَازِنُهُمَا أَحَدٌ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اقْتَدُوا بِاَللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرُ . انتهى.
وللفائدة يرجى مراجعة هاتين الفتويين: 36833، 52235.
والله أعلم.