الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تسمية الأنثى بملاك مما اختلف فيه بعض أهل العلم، ولكل وجهته في التعليل، ومثل هذه المسائل لا يوجد فيها دليل قطعي يجب المصير إليه، وإنما قد علل بعض أهل العلم ممن ذهب إلى المنع بمشابهة المشركين في جعلهم الملائكة بنات الله، قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد ـ رحمه الله ـ في معجم المناهي اللفظية: أما تسمية النساء بأسماء الملائكة: فظاهر الحرمة، لأن فيها مضاهاة للمشركين في جعلهم الملائكة بنات الله، تعالى الله عن قولهم، وقريب من هذا تسمية البنت: ملاك، ملَكة، وملَك. انتهى.
وهذا الاسم: ملاك ـ يستعمله كثير من أدباء النصارى العرب، ويقصدون به الملائكة، مع أن أصل الاسم: مَلْأَك ـ فلعلهم لكثرة استعمالهم له سهلوا الهمزة تخفيفا، وإن كنا لم نجد أحدا في كتب معاجم اللغة ـ التي بين أيدينا ـ من ذكر: ملاك ـ بدون همز بمعنى الملائكة، جاء في لسان العرب: والمَلَكُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ: وَاحِدٌ وَجَمْعٌ، قَالَ الْكِسَائِيُّ: أَصله مَأْلَكٌ بِتَقْدِيمِ الْهَمْزَةِ مِنَ الأَلُوكِ، وَهِيَ الرِّسَالَةُ، ثُمَّ قُلِبَتْ وَقُدِّمَتِ اللَّامُ فَقِيلَ مَلأَكٌ. انتهى.
ولاسم: ملاك ـ معنى آخر وهو قوام الشيء، قال في لسان العرب: الْمِلَاكُ، بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ: قِوامُ الشَّيْءِ ونِظامُه وَمَا يُعْتَمَد عَلَيْهِ فِيهِ. انتهى.
ولعل من أجاز من العلماء التسمية بملاك لاحظ هذا المعنى، ولأن الأصل في الأسماء الجواز، قال الشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ في تعليقه على زاد المعاد: التسمية بأفنان وملاك وجبريل لا شيء فيها. انتهى.
فهذا ملخص ما في المسألة، والأولى ترك التسمية به، وراجعي للفائدة الفتويين رقم: 114566، ورقم: 58078.
وأخيرا ننصح السائلة أن تترفق في كلامها عن فتاوى أهل العلم، وأن لا تستعجل في الحكم قبل أن تعرف حقيقة مأخذهم، فليس من الصواب القول بأن سبب منعهم من التسمية لهجة معينة، أو أن سبب منعهم قوله صلى الله عليه وسلم: إن أخنع اسم عند الله رجل تسمى ملك الأملاك...
وكذلك قولها: ولا يوجد شيء له تسميتان إلا وقد ذكر ـ أي في القرآن ـ فهذا فيه مجازفة ظاهرة، وقول في كتاب الله بغير علم.
والله أعلم.