الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فدعوة المظلوم على ظالمه مظنة الإجابة، وذلك إذا وجد الشرط المقتضي وانتفى المانع، وقد دلت على ذلك أحاديث، منها ما رواه الترمذي وحسنه عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث دعوات لا شك في إجابتهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده.
ومن شروط الدعاء المقتضية لإجابته: الدعاء بقلب حاضر، موقن بالإجابة، لما رواه الترمذي والحاكم وحسنه الألباني عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه.
قال المناوي في التيسير شرح الجامع الصغير عند الحديث المذكور: ادعوا الله ـ أَي اسألوه من فَضله وَأَنْتُم موقنون متحققون جازمون بالإجابة حَال الدُّعَاء بِأَن تَكُونُوا على حَال تستحقون فِيهَا الْإِجَابَة بخلوص النِّيَّة وَحُضُور الْجنان وَفعل الطَّاعَات بالأركان وقوّة الرَّجَاء فِي الرَّحْمَن، وَقيل معنى موقنون بالإجابة، أَي مَعكُمْ نور الْيَقِين حَتَّى ينجاب لكم الْحجاب وينفلق وتنفذ الدعْوَة إِلَى رَبهَا، وَاعْلَمُوا أنّ الله لَا يستجيب دُعَاء من قلب غافل لاه، أَي لَا يعبأ بسؤال سَائل مشغوف الْقلب بِمَا أهمه من دُنْيَاهُ، قَالَ الإِمَام الرَّازِيّ: أجْمَعُوا على أنّ الدُّعَاء مَعَ غَفلَة الْقلب لَا أثر لَهُ. انتهى.
ثم إن المظلوم إذا كان يدعو ويريد بدعائه أن يتحقق فهو قد دعا من قلبه، فإن الإرادة من عمل القلب، وكونه يرجو أن يتحقق دعاؤه، هو خطوة إلى اليقين بالإجابة، فقد قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله في جامع العلوم والحكم: وَمِنْ أَعْظَمِ شَرَائِطِهِ: حُضُورُ الْقَلْبِ، وَرَجَاءُ الْإِجَابَةِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، كَمَا خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ» . انتهى.
وللفائدة يرجى مراجعة هاتين الفتويين: 34700، 119608.
والله أعلم.