الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ورد أكثر من عشرين حديثاً صحيحاً في شأن اللحية، منها الآمر بإعفائها، ومنها الناهي عن حلقها، وعن التشبه باليهود والنصارى والمجوس الذين يحلقونها، وردت هذه الأحاديث عن جماعة من الصحابة منهم ابن عمر وابن عباس وأبو هريرة في البخاري ومسلم ومسند أحمد وسنن النسائي وسنن أبي داود وجامع الترمذي وموطأ مالك ومعجم الطبراني ومسند البزار ومسند أبي يعلى وغيرها.
وقال بوجوب إعفائها وحرمة حلقها جماهير أهل العلم، وإعفاؤها هو تركها من غير قص ولا تقصير حتى تطول، وقال بعضهم: الإعفاء هو ترك ما يغطي اللحيين وإن نقص عن قدر القبضة.
قال الإمام النووي في المجموع: قال الغزالي في الإحياء: اختلف السلف فيما طال من اللحية فقيل: لا بأس أن يقبض عليها ويقص ما تحت القبضة، فعله ابن عمر ثم جماعة من التابعين واستحسنه الشعبي وابن سيرين وكرهه الحسن وقتادة وقالوا: يتركها عافية لقول النبي صلى الله عليه وسلم: وأعفوا اللحى. قال الغزالي: والأمر في هذا قريب إذا لم ينته إلى تقصيصها، لأن الطول المفرط قد يشوه الخلقة. هذا كلام الغزالي، والصحيح كراهة الأخذ منها مطلقاً، بل يتركها على حالها كيف كانت، للحديث الصحيح: وأعفوا اللحى.
وكان ذلك هو الأكمل في اتباع النبي صلى الله عليه وسلم والاهتداء بهديه، ولا شك أن من كان اتباعه لرسول الله صلى الله عليه وسلم أكمل، كان أجره أعظم وثوابه أجزل، وهذا بلا خلاف بين أهل العلم. وانظر الفتوى: 14055.
والله أعلم.