الإجابــة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء في دخول الكفار المساجد -عدا المسجد الحرام- على عدة أقوال:
الأول: أنهم يمنعون من ذلك مطلقاً، فلا يجوز للكافر دخول شيء من المساجد، قال
القرطبي: وبذلك كتب عمر بن عبد العزيز إلى عماله، وهذا رواية عن أحمد. قال المرداوي: (وهو المذهب، ويؤيد ذلك قوله تعالى: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ) [النور:36].
ودخول الكفار فيها مناقض لترفيعها. الثاني: الجواز مطلقاً وهو مذهب
الشافعي، فأباح لهم دخول كل المساجد، خلا المسجد الحرام.
الثالث: أن الكفار يمنعون من المسجد إلا لضرورة عمل فيه، وهو مذهب المالكية، قال
الصاوي: (يمنع دخول الكافر المسجد أيضاً وإن أذن له مسلم؛ إلا لضرورة عمل). الرابع: يجوز للكفار دخول المساجد بإذن المسلمين، وهو رواية عن
أحمد، قال
ابن قدامة في المغني:
فأما مساجد الحل فليس لهم دخولها إلا بإذن المسلمين، لأن علياً رضي الله عنه بصر بمجوسي وهو على المنبر وقد دخل المسجد فنزل وضربه، وأخرجه من أبواب كندة، فإن أذن لهم في دخولها جاز في الصحيح من المذهب لأن النبي صلى الله عليه وسلم قدم عليه وفد أهل الطائف فأنزلهم المسجد قبل إسلامهم). والراجح: جواز دخول الكفار المساجد إذا تحقق بذلك مصلحة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ربط
ثمامة بن أثال الحنفي في المسجد قبل أن يسلم، متفق عليه.
قال في مغني المحتاج:
(وثبت أنه صلى الله عليه وسلم أدخل الكفار مسجده، وكان ذلك بعد نزول براءة فإنها نزلت سنة تسع وقدم الوفد عليه سنة عشر وفيهم وفد نصارى نجران وهم أول من ضرب عليهم الجزية فأنزلهم مسجده وناظرهم في أمر المسيح وغيره). وإذا تقرر الجواز: فلا بد أن يراعى في ذلك ضوابط معينة:
- أن يكون دخولهم لمصلحة شرعية أو لحاجة تدعو إلى ذلك كسماع ما قد يدعوهم للدخول في الإسلام، فلا يجوز أن يكون للنزهة أو السياحة.
- أن لا يكون على أبدانهم قذر أو وسخ يتقذر به المسجد أو حالة تنافي احترام المسجد وتكريمه، كتبرج النساء، أو كونهن حيضا أو كان بينهم من يباشر شرب الدخان في الحال ونحو ذلك، لأن ذلك يتنافى مع ترفيع المسجد المذكور في قول الله تعالى:
فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُه [النور:36].
وقد روى
أبو داود عن
عائشة رضي الله عنها قالت:
أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور -يعني الأحياء- وأن تنظف وتطيب. صححه
الألباني في صحيح
أبي دواد 437.
ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم:
8657.
والله أعلم.