الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن تزوج امرأة وشرط بكارتها فبانت ثيباً، ففي ثبوت الخيار له خلاف بين أهل العلم، قال المرداوي الحنبلي رحمه الله: وإن شرطها بكرا، أو جميلة، أو نسيبة، أو شرط نفي العيوب التي لا ينفسخ بها النكاح، فبانت بخلافه، فهل له الخيار؟ على وجهين، وهما روايتان......
إحداهما: له الخيار...... وهو الصواب.
والثاني: ليس له الخيار. باختصار.
وعلى القول بثبوت الخيار، فإن الزوج يرجع بالمهر على من غرّه، قال ابن قدامة رحمه الله: الفصل الرابع: أنه يرجع بالمهر على من غره، وقال أبو بكر: فيه روايتان: إحداهما، يرجع به، والأخرى: لا يرجع، والصحيح أن المذهب رواية واحدة، وأنه يرجع به........ وبه قال الزهري، وقتادة، ومالك، والشافعي في القديم. باختصار.
ولا يثبت الخيار للزوج إذا رضي بالعيب وسكت عن المطالبة بالفسخ، جاء في الروض المربع شرح زاد المستقنع: ومن رضي بالعيب بأن قال: رضيت به أو وجدت منه دلالته من وطء أو تمكين منه مع علمه بالعيب، فلا خيار له.
وعلى القول بعدم ثبوت الخيار فقد قيل بأن الزوج يرجع بالفرق بين مهر البكر ومهر الثيب، قال المرداوي رحمه الله: فائدة: إذا شرطها بكرا وقلنا: ليس له خيار فاختار ابن عقيل في الفصول، وقاله في الإيضاح: إنه يرجع بما بين المهرين.
لكن إذا أنكرت المرأة أنه وجدها ثيباً وحلفت على ذلك فلها مهرها المسمى كله، جاء في فتاوى الرملي: سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ بِشَرْطِ الْبَكَارَةِ ثُمَّ وَطِئَهَا وَادَّعَى أَنَّهُ وَجَدَهَا ثَيِّبًا وَادَّعَتْ أَنَّهُ أَزَالَ بَكَارَتَهَا وَصَدَّقْنَاهَا بِيَمِينِهَا، فَهَلْ يَلْزَمُهُ الْمُسَمَّى أَوْ مَهْرُ مِثْلِهَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْمُسَمَّى، لِأَنَّهُ مَتَى صَحَّ اسْتَقَرَّ بِوَطْئِهِ؛ إلَّا إذَا فُسِخَ النِّكَاحُ بِسَبَبٍ سَابِقٍ عَلَى وَطْئِهِ فَيَجِبُ مَهْرُ مِثْلِهَا حِينَئِذٍ، وَهَذَا مِمَّا لَا يَنْبَغِي التَّوَقُّفُ فِيهِ.
واعلم أنّ المرأة إذا سألت زوجها الطلاق دون مسوّغ فمن حقه أن يمتنع من طلاقها حتى تسقط له بعض حقوقها،
وراجع الفتوى رقم: 8649.
لكن المسائل التي فيها منازعات ومناكرات لا تفيد فيها الفتوى، وإنما الذي يفصل فيها هو القاضي الشرعي، فإن عدم فيقوم مقامه أهل العلم في المراكز الإسلامية، وانظر الفتوى رقم: 229858.
والله أعلم.