الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله سبحانه أن يفرج همك، وينفس كربك، ويدخل السرور على قلبك.
واعلم أن الدنيا دار بلاء، فما من إنسان إلا وهو مبتلى، وإن اختلف البلاء في صوره وأنواعه، فالموفق من شهد هذه الحقيقة، ففوض أمره إلى الله عز وجل، مستمدا منه الصبر والمدد، فثبت أمام البلاء، ومن يتصبر يصبره الله، ومن يستغن يغنه الله. فنوصيك بالصبر والثبات، وحسن التوكل على الله واحتساب الأجر عنده تعالى؛ فإن عظم الجزاء مع عظم البلاء.
وانظر للفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 13270، 19002، 189291، 70392
والثابت عن سعد بن معاذ رضي الله عنه أنه قال في أحداث غروة الخندق: اللهمَّ إن كنتَ أبقيتَ على نبيِّك صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ من حربِ قريشٍ شيئًا فأبقِني لها، وإن كنتَ قطعتَ الحربَ بينه وبينهم فاقبضْني إليك. أخرجه أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة.
وأصل قصته في الصحيحين لما أصيب في أكحله (وهو عرق الحياة في وسط الذراع) قال: اللهم إنك تعلم أن ليس أحد أحب إلي أن أجاهد فيك من قوم كذبوا رسولك صلى الله عليه وسلم، وأخرجوه، اللهم فإن كان بقي من حرب قريش شيء، فأبقني أجاهدهم فيك، اللهم فإني أظن أنك قد وضعت الحرب بيننا وبينهم، فإن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم، فافجرها، واجعل موتي فيها.
وهذا الذي قاله رضي الله عنه لا يدخل في تمني الموت المنهي عنه؛ حيث لم يتمنه تضررا من الحياة، وإنما لينال شرف الشهادة بإصابته تلك.
قال النووي: قَوْله: ( فَإِنْ كُنْت وَضَعْت الْحَرْب بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ فَافْجُرْهَا، وَاجْعَلْ مَوْتِي فِيهَا ) هَذَا لَيْسَ مِنْ تَمَنِّي الْمَوْت الْمَنْهِيّ عَنْهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِيمَنْ تَمَنَّاهُ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ, وَهَذَا إِنَّمَا تَمَنَّى اِنْفِجَارهَا لِيَكُونَ شَهِيدًا. اهـ.
وانظر الفتوى رقم: 31781
وأيضا فالشوق إلى لقاء الله ليس من تمني الموت؛ وانظر الفتوى رقم: 8155
والله أعلم.