الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلمي -وفقك الله- أن محبة الشهرة والظهور، والتماس ذلك وطلبه بما لا يباح شرعاً من أكبر المحرمات، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: ما من عبد لبس ثوب شهرة إلا أعرض الله عنه حتى ينزعه. رواه ابن ماجه من حديث أبي ذر بإسناد جيد كما قال العراقي في تخريج أحاديث الإحياء. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لبس ثوب شهرة ألبسه الله يوم القيامة ثوب مذلة. رواه أحمد وأبو داود. وعن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من لبس ثوب شهرة ألبسه الله يوم القيامة ثوب مذلة، ثم يلهب فيه النار. أخرجه أبو داود.
والمقصود بثوب الشهرة أي ثوب يشتهر به بين الناس ولما كان ذلك محرماً، كان جزاء مرتكبه أن يلبسه الله (ثوب مذلة) معاملة له بنقيض قصده، وذلك لأن محبة الشهرة والظهور يدلان على التكبر وحب العلو على الآخرين، وقد قال الله تعالى: تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ [القصص:83].
وقال صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر. رواه مسلم.
ويدل أيضاً على العجب بالنفس، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك فقال: بينما رجل يتبختر يمشي في برديه قد أعجبته نفسه، فخسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة. رواه مسلم.
واعلمي أختي الكريمة أن السعادة ليست في الشهرة فكم من شخص مشهور بين الناس وهو قد حرم من السعادة، وصدق من قال:
هبوني حياة لا تروع بالأسى === وسيان عندي شهرة وخمول
وإنما السعادة في الإيمان والعمل الصالح، قال سبحانه: مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [النحل:97].
وقال تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى [طـه:124].
وكم من إنسان مغمور بين الناس، لو أقسم على الله لأبره، قال صلى الله عليه وسلم: كم من أشعث أغبر ذى طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبره. رواه الترمذي وقال: هذا حديث صحيح حسن من هذا الوجه.
وعمل المرأة كرائدة فضاء، أو نحو ذلك مما هو من أعمال الرجال، لا يتناسب مع فطرتها التي فطرها الله عليها، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم: المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال. رواه البخاري.
كما أنه يتنافى مع ما يجب لها من صيانة وبعد عن مخالطة الرجال، وقد قال الله تعالى لخير نساء الأمة: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنّ [الأحزاب:33].
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان، وأقرب ما تكون من وجه ربها وهي في قعر بيتها. رواه ابن خزيمة.
فننصح السائلة بأن تحول اهتمامها نحو ما ينفعها عند الله من التنافس في الخير، كحفظ القرآن، والدعوة إلى الله، ومساعدة المحتاجين وتكون نيتها في هذا العمل خالصة لله من دون الناس، قال الله تعالى: وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ [المطففين:26].
قال وهيب بن الورد: إن استطعت أن لا يسبقك أحد إلى الله فافعل.
والله أعلم.