الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فبنت الزوجة لا ترث زوج أمها؛ لأنه لا سبب للإرث بينهما, وابن الميت وبنته من زوجته السابقة يرثانه لأنه أبوهما, وكل أولاد الميت يرثونه - سواء من زوجة مات وهي تحته، أم من زوجة فارقها في حياته.
والبيت الذي بنته زوجته على أرضه، إذا لم يصرح الزوج لها بهبة الأرض التي بنت عليها البيت: فإن تلك الأرض التي بنت عليها البيت تعتبر عارية، انتهت بموت زوجها، فترد الأرض للورثة, وقد نص فقهاء المالكية على أن الزوج لو بنى بأرض زوجته بإذنها، فإنه يكون عارية تنتهي بموت الزوج, وإذا كان الزوج لا يملك بمجرد الإذن في البناء، فأحرى أن لا تملك هي إذا بنت في أرضه بمجرد الإذن في البناء، ويكون ما بنته عارية تنتهي بالموت.
ولكن هل لها أن تأخذ قيمة ما بنته قائمًا، أو قيمته منقوضًا, قولان عند المالكية, المشهور منهما أن لها قيمة ما بنته منقوضًا، وهذا ما جرت عليه فتاوانا, والقول الآخر أن لها قيمة ما بنته قائمًا، ما دامت قد بنت بإذنه، أو علمه, وهذا ما رواه المدنيون من أصحاب مالك - رحمه الله تعالى - عنه, وهذا القول له وجه، وفيه شيء من الإنصاف، والمراعاة لحال الباني, ولعل من المفيد أن نذكر شيئًا من النقل عن الفقهاء في هذا, جاء في الزيادات والنوادر لابن أبي زيد القيرواني - رحمه الله تعالى -: قال ابن حبيب في كتاب الصدقات: قال مطرف، وابن الماجشون: قال مالك: وكل من بنى في أرض قوم، أو غرس بإذنهم، أو علمهم، فلم يمنعوه، فله قيمة ذلك قائمًا، كالباني بشبهة، وإن بنى بغير إذنهم، ولا علمهم، فإنما له قيمة ذلك منقوضًا، وكذلك من تكارى أرضًا، أو منحًا إلى أجل، أو إلى غير أجل، ثم بنى فيها بإذنهم، أو بعلمهم، ولم يستأذنهم، فلم ينهوه، ولا منعوه، فإن له قيمة بنيانه قائمًا إن أرادوا إخراجه، وكذلك من بنى في أرض بينه وبين شركائه بإذنهم، أو بعلمهم، فله قيمة عمله قائمًا، وكذلك من بنى في أرض امرأته بإذنها، أو بعلمها، ولم تنكر، وأما كل من بنى في أرض غيره من زوجة، أو شريك، أو غيره بغير إذن ربها، أو علمه، فله قيمة عمله منقوضًا، قال: قلت لهما: روي لنا عن مالك: أن له قيمة عمله منقوضًا بنى بإذن رب الأرض، أو بغير إذنه، قال: ما علمنا أن مالكًا اختلف قوله في هذا، ولا أحد من أصحابه: ابن أبي حازم، والمغيرة، وابن دينار، وغيرهم، وبه يقضي قضاة المدينة قديمًا وحديثًا، وقد وهم ناقل هذا عن مالك، قال ابن حبيب: وهو قول ابن كنانة، وابن نافع، وجميع المدنيين، وقال ابن القاسم بالقول الآخر، ورواه عن مالك، ولسنا نقول به، وبقول المدنيين نقول، وروي مثله عن ابن مسعود، وشريح، وروى ابن وهب ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قاله. اهـ.
وعلى أية حال: فإذا حصل نزاع في هذا الأمر، فإن القضاء الشرعي هو صاحب الكلمة فيه، ولا يمكن الاكتفاء بمجرد فتوى.
وإذا لم يترك الميت من الورثة إلا من ذكر: فإن لأمه السدس فرضًا لوجود الفرع الوارث, قال الله تعالى: وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ {النساء: 11}, ولزوجته الثمن فرضًا لوجود الفرع الوارث, قال الله تعالى: فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء: 12}, والباقي للابن والبنت تعصيبًا للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ {النساء: 11}, فتقسم التركة على اثنين وسبعين سهمًا, للأم سدسها, اثنا عشر سهمًا, وللزوجة ثمنها, تسعة أسهم, وللابن أربعة وثلاثون سهمًا, وللبنت سبعة عشر سهمًا, وهذه صورتها:
الورثة أصل المسألة | 24 * 3 | 72 |
---|---|---|
أم | 4 | 12 |
زوجة | 3 | 9 |
ابن بنت |
17 |
34 17 |
والله تعالى أعلم.